Criterion Between the Allies of the Merciful and the Allies of the Devil 1
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ١
اصناف
الاحتجاج بالقدر على الذنوب سبيل المشركين
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (ومن ظن أن القدر حجة لأهل الذنوب فهو من جنس المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام:١٤٨].
قال الله تعالى رادًا عليهم: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾ [الأنعام:١٤٨]) أي: أنهم كذبوا بالشرع احتجاجًا بالقدر، الذي هو الخلط بين الأمر الشرعي والأمر الكوني؛ فهو يقول: طالما أن الله تركنا نفعل ذلك وقدره علينا فهو يرضاه، وهذا كلام فاسد، بل هو من جنس كلام المشركين.
ثم يقول: (قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ [الأنعام:١٤٨].
أي: هل عندكم علم أن الله أمر بذلك وشرع ذلك؟! ثم يقول: (قال تعالى: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام:١٤٨ - ١٤٩].
ولو كان القدر حجة لأحد لم يعذب الله المكذبين للرسل، كقوم نوح وعاد وثمود والمؤتفكات وقوم فرعون، ولم يأمر بإقامة الحدود على المعتدين، ولا يحتج أحد بالقدر إلا إذا كان متبعًا لهواه بغير هدى من الله.
ومن رأى القدر حجة لأهل الذنوب يرفع عنهم الذم والعقاب فعليه ألا يذم أحدًا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه) أي: أن الذي يؤخذ منه ماله بقدر ربنا ﷾، يجب عليه أن يقول: هاتوا لي حقي.
وهذا أمر بالفطرة، لأن أي إنسان يكره أن يعتدى عليه، ويذم من اعتدى عليه وآذاه.
ثم يقول: (بل يستوي عنده ما يوجب اللذة وما يوجب الألم، فلا يفرق بين من يفعل معه خيرًا وبين من يفعل معه شرًا، وهذا ممتنع طبعًا وعقلًا وشرعًا).
أي: أنك لو أعطيت الطفل الصغير شيئًا جميلًا فإنه سيضحك، لكن لو ضربته فإنه سيبكي، وهذا أمر فطري طبع في البشر، فالإنسان يفرق بين من يفعل معه خيرًا، وبين من يفعل معه شرًا، فكيف تقول: ليس هناك فرق بين الاثنين!.
إذًا: الاحتجاج بالقدر على الذنوب والمعاصي باطل عقلًا وطبعًا وشرعًا.
ثم يقول: (وقد قال تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ [ص:٢٨].
وقال تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ﴾ [القلم:٣٥].
وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية:٢١].
وقال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون:١١٥].
وقال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة:٣٦] أي: مهملًا لا يؤمر ولا ينهى).
6 / 5