Correct Statement on the Issue of Traveling
صحيح المقال في مسألة شد الرحال
ناشر
الجامعة الإسلامية
ایڈیشن نمبر
السنة الحادية عشرة-العدد الثالث
اشاعت کا سال
ربيع الأول ١٣٩٩هـ/ ١٩٧٨م
پبلشر کا مقام
المدينة المنورة
اصناف
إِمَّا إِن كُنْتُم تعنون بالزيارة السّنيَّة زِيَارَة الْقَبْر، وَأَنَّهَا لَا تكون سنية إِلَّا بِأَن يدْخل الْإِنْسَان الْمَسْجِد فَيصَلي ثمَّ يزور؟.. فَمن هُوَ الَّذِي وضع هَذِه السّنة؟.. هَل علمهَا الرَّسُول- ﷺ أَصْحَابه فِي حَيَاته؟.. فَقَالَ: إِذا أَنا مت فادفنوني فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ ثمَّ زوروني وسلموا عَليّ، وَإِذا وصلتم الْمَدِينَة فادخلوا الْمَسْجِد أَولا ثمَّ صلوا كَذَا وَكَذَا، ثمَّ توجهوا إِلَى قبرى للزيارة والسّلام؟.. هَل قَالَ الرَّسُول ذَلِك ... دلونا على الْمرجع الَّذِي روى فِيهِ هَذَا الحَدِيث من كتب السّنة، وَلكم ألف شكر.
أم هِيَ سنة تقررت بعد وَفَاته ﵇ فَمن الَّذِي قررها بِاللَّه عَلَيْكُم؟.. وَهل لأحد بعد رَسُول الله وَبعد انْقِطَاع الْوَحْي من قبل السَّمَاء أَن يسن فِي الدّين سننا ويقرر شرائع؟.. لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
رُبمَا يَقُول الشَّيْخ: نعم، الْخُلَفَاء الراشدون لَهُم أَن يشرعوا بعد الرَّسُول ﷺ بِدَلِيل "عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي" الخ..
إِن قَالَ ذَلِك قُلْنَا أَولا الْخُلَفَاء الراشدون مَا ثَبت عَنْهُم تشريع شدّ الرّحال لزيارة الْقَبْر، وَلَا بقَوْلهمْ وَلَا فعلهم، وَثَانِيا هم لَا يشرعون من عِنْد أنفسهم وَلَكِن المُرَاد بسنتهم طريقتهم وهديهم فِي الِاجْتِهَاد فِي فهم نُصُوص الشَّرْع وَتَقْرِير الْأَحْكَام المستمدة من نُصُوص الْوَحْي وسياستهم للدولة الإسلامية فِي أَحْوَال حربها وَسلمهَا وَسَائِر أحوالها، وَلذَلِك خصّ الْخُلَفَاء دون غَيرهم مِمَّن قد يكون فِي مستواهم علما وصلاحا.
تمّ قَالَ الشَّيْخ: "وَبِهَذَا فَلَا انفكاك لشد الرّحال إِلَى الْمَسْجِد عَن زِيَارَة الرَّسُول- ﷺ وَلَا لزيارته عَن الْمَسْجِد؛ فَلَا مُوجب لهَذَا النزاع".
وَنحن نقُول لفضيلته: إِن الَّذين تنارعوا أعلم بدين الله، وَلَو أَن النزاع لَفْظِي - كَمَا توهمتم - لما تنازعوا، وَلَكنهُمْ فَهموا فِي الْمَوْضُوع غير مَا فهمتم فضيلتكم، وَمن ضمن مَا فَهموا "إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى.." الخ الحَدِيث؛ لهَذَا قَالَ مَنْ لَا يرى جوَار شدّ الرّحال لزيارة الْقُبُور: إِن من جمع فِي نِيَّته زِيَارَة الْمَسْجِد وزيارة الْقَبْر فقد جمع بَين مَشْرُوع وممنوع، وَمن ثمَّ لَهُ أجر الْمَشْرُوع وَعَلِيهِ إِثْم الْمَمْنُوع، وَلم يوافقوكم على أَن الْمَمْنُوع يشْتَرك مَعَ الْمَشْرُوع فيؤجر على الْجَمِيع، بل هَذَا فهمكم الْخَاص، وَلِهَذَا قُلْتُمْ. فَلَا مُوجب لهَذَا النزاع.
أما الَّذين يوافقونكم على أَنه لَا دَاعِي وَلَا مبرر للنزاع فِيهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لمن سَافر نَاوِيا زِيَارَة الْمَسْجِد النَّبَوِيّ للصَّلَاة فِيهِ، وَلم يدْخل فِي نِيَّة سَفَره زِيَارَة الْقَبْر، وَبعد أَن يصل إِلَى الْمَسْجِد وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ أَو أَكثر يتَوَجَّه إِلَى الْقَبْر، فَتكون بداية نِيَّة زِيَارَة الْقَبْر بعد وُصُول الْمَسْجِد وَالصَّلَاة فِيهِ؛ حَتَّى لَا يكون لَهَا نصيب من السّفر الْبعيد وَشد الرّحال؛ هَذِه الصُّورَة هِيَ الَّتِي لَا مجَال للنزاع فِيهَا، وفعلا لم يحدث وَلم يحصل فِيهَا نزاع بَين ابْن تَيْمِية وخصومه، أما من قبلهم فقد بَينا مَذْهَبهم.. وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
1 / 216