التعليل به المدلس وغير المدلس كما سيأتي شرحه في المبحث السادس، فلا يكون هناك فرق ظاهر بين المدلس وغيره.
ويحتمل أن يكون ابن القطان عنى بالقوم الذين لم يسمهم ابن حزم الظاهري، فإنه كثير الاستمداد منه، وله كلام يقرب من هذا القول، فقد قال بعد أن قسم المدلسين إلى قسمين: "أحدهما: حافظ عدل، ربما أرسل حديثه، وربما أسنده ...، نترك من حديثه ما علمنا يقينًا أنه أرسله، وما علمنا أنه أسقط بعض من في إسناده، ونأخذ من حديثه ما لم نوقن فيه شيئًا من ذلك، وسواء قال: أخبرنا فلان، أو قال: عن فلان، أو قال: فلان عن فلان، كل ذلك واجب قبوله، ما لم نتيقن أنه أورد حديثًا بعينه إيرادًا غير مسند، فإن أيقنا ذلك تركنا ذلك الحديث وحده فقط، وأخذنا سائر رواياته ... .
وهذا النوع منهم كان جلة أصحاب الحديث وأئمة المسلمين، كالحسن البصري، وأبي إسحاق السبيعي، وقتادة بن دعامة، وعمرو بن دينار، وسليمان الأعمش، وأبي الزبير، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة " (^١).
ويلاحظ أن هناك فرقًا جوهريًا بين عبارة ابن حزم، وعبارة ابن القطان، إذ عبر ابن حزم باليقين، فعلى قوله هذا لا أثر للتدليس مطلقًا، اللهم إلا من جهة التنقيب والبحث في رواية المدلس المعينة التي لم يصرح فيها بالتحديث، فإن تيقنا أنه دلسه، وإلا عاد المدلس وأخذ حكم غيره، وحينئذٍ فليس هناك للمدلس إلا حالتان، ما تيقنا أنه دلسه فحكمه الانقطاع، وما صرح فيه
(^١) "الإحكام" ١: ١٥٨.