Concept of Interpretation, Exegesis, and Deliberation

Musaad Al-Tayyar d. Unknown

Concept of Interpretation, Exegesis, and Deliberation

مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٢٧ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

كتاب مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر جميع الحقوق محفوظة ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م مَفْهُومُ التَّفْسيرِ وَالتَّأويلِ والاسْتِنْبَاطِ والتَّدبُّرِ والمُفسِّرِ د. مُساعِدُ بن سُلَيْمَان بن نَاصِر الطَّيَّار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض دار ابن الجوزي بسم الله الرحمن الرحيم

1 / 1

ـ[عرض كتاب مَفْهُوم التَّفْسيرِ وَالتَّأويلِ والاسْتِنْبَاطِ والتَّدبُّرِ والمُفسِّرِ]ـ د. مُساعِدُ بن سُلَيْمَان بن نَاصِر الطَّيَّار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض دار ابن الجوزي عرض: عمرو الشرقاوي بدأ المؤلف وفقه الله الكتاب بمقدمة بين فيها أهمية تحرير المصطلحات، وأنَّ هذا التحرير يفيدُ في أمورٍ؛ منها: * بيان المصطلحِ بذاتِه. * عدم دخول ما ليس منه فيه. * التفريق بين ما يُظنُّ أنه من المترادفات في المصطلحات. كما قدَّم بتطبيق على مصطلح وقع فيه خلل، وهو مصطلح «التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي». وفي مفهوم التفسير: تحدث المؤلف عن تعريف علم التفسير من جهة اللغة والاصطلاح، وبين أنَّ التَّفسيرَ إنَّما هو شرحٌ وبيانٌ للقرآنِ الكريمِ، فما كانَ فيه بيانٌ، فهو تفسيرٌ، وما كان خارجًا عن حدِّ البيانِ، فإنَّه ليس من التَّفسيرِ، وإن وُجِدَ في كتبِ المفسِّرينَ. وبين أنه لو جُرِّدَ التَّفسيرُ من كثيرٍ من المعلوماتِ التي تخرج عن حد البيان، لتقاربتْ مناهجُ المفسِّرين، ولكان جلُّ الخلافِ بينهم في وجوهِ التَّفسيرِ، وترجيحِ أقوالِ المتقدِّمينَ. وعقد المؤلف تطبيقًا على سورة الكوثر، بين فيه ما يدخل في التفسير وما لا يدخل. وفي مفهوم التأويل: بين معناها في اللغة والاصطلاح، كما بين الفرق بين إطلاق المصطلح عند المتقدمين والمتأخرين، والدليل على ذلك، وما ترتب عليه من آثار.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا العرض ليس في المطبوع، ومصدره الموقع الرسمي للمؤلف - حفظه الله -.

وعرض للحديث عن آية آل عمران، وهي قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧]، وعلاقتها التأويل بالمتشابه. وفي مفهوم الاستنباط: بين المؤلف حد الاستنباط، وحلل عملية الاستنباط، وذكر أنواعه المندرجة تحته. كما تعرض لحكم الاستنباط، وذكر قواعد كلية تعين على صحة الاستنباط. وذكر مسألة في التَّفسيرِ الإشاري وفوائدِ الآياتِ، وبين أن كثيرًا من التَّفاسيرِ الإشاريَّةِ وتفاسيرِ الوعاظِ وما يذكرُه بعض المعاصرينَ من فوائِد الآياتِ = إلى الاستنباطِ، ومن ثَمَّ، فإنَّ حُكْمَها حُكْمُ الاستنباطات. كما نبه على خطورة التكلف في الاستنباطات، وذكر اللطائف والفوائد. وفي مفهوم التدبر: بين المؤلف حد التدبر، وسياقات الأمر به في القرآن. وأنَّ مرحلةَ التَّدبُّرِ تأتي بعدَ الفَهْمِ، إذ لا يُمكنُ أن يُطلبَ تدبُّرُ كلامٍ لا يعقل! كما ذكر الفرق بين التدبر والمصطلحات السابقة، والفرق بين التدبر والتأثر. كما ذكر أنه يقربُ من معنى التَّدبُّرِ التَّفكُّرُ والتَّذكُّرُ والنَّظرُ والتَّأملُّ والاعتبارُ والاستبصارُ، وقد وردت هذه المعاني في القرآن في مواطن. وتعرض للفرق بين التَّدبُّرِ والتَّأثُّرِ من سماعِ القرآن. وفي مفهوم المفسِّرِ: ذكر أنه لم يحظ مصطلح المُفَسِّرِ من علماء القرآن والتفسير بتعريفٍ كما عرَّفوا مصطلح التفسير.
كما ذكر أنه لو تم سبر المفسرين المذكورين في كتب طبقات المفسرين، والاطلاع على ما دوَّنوه من منجزاتهم في التفسير = لظهر لك أنَّهم لا يخرجون عن أربعة أنواع: الأول - طبقة المجتهدين الأُوَلِ. الثاني - نَقَلَةُ التفسير. الثالث - المفسر الناقد. الرابع - المفسر المتخيِّر قولًا واحدًا. وأخيرًا ... بين المؤلف أنه إنما حرصت على بيانها لأنها تدعو إلى الانضباط في المعلومات، وتجعل المرء يميِّز بين المتشابه منها، فلا تتداخل عليه المعلومات، ويعرف بها كثيرًا من الزيادات التي لا تدخل في المصطلح، ويبين له متى دخلت، وكيف دخلت، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

نامعلوم صفحہ

المقدّمة الحمد لله مُتِمِّ النِّعمِ على عباده، يعيدُ فضلَه عليهم كما يبديه لهم، وينشر لهم رحمته، ويُيسِّر لهم عبادته. والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله الطاهرين، وعلى صحبِه الكرام، وعلى من تبعهم إلى يوم الدين. أمَّا بعد، فلقد كنتُ أحجمُ عن تحريرِ بعضِ المصطلحاتِ خوفَ الوقوعِ في مشكلةِ تفلسفٍ لا معنى لها، وكنت قد تتبعت بعض المصطلحات، فرأيت فيها خللًا من جهة التعريفِ، أو خللًا من جهة النتائج؛ كمصطلحِ التَّفسيرِ، ومصطلح التفسير الموضوعي، ومصطلح الإعجاز العلمي (١)، وغيرها.

(١) لقد كتبت في هذا الموضوع رسالة أرجو أن ييسِّر الله أمرها، وقد كنت أتحاشى الكتابة في هذا الموضوع لما فيه من كثرة المطروح، وبعد أن قرأت في بعض هذه الكتب التي تتحدث عن الإعجاز العلمي، ظهر لي أنَّ الأمر يحتاج إلى إيضاح لهذا الموضوع، وضبطٍ لما يُفسَّر به القرآن من هذه القضايا التي أنتجها البحث التجريبي المعاصر، وظهر لي أنَّ في تسميته بهذا =

1 / 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الاسم خللًا، وأنَّه يصدق عليه أن يكون «دلائل صدق القرآن»، وليس الإعجاز، كما أنَّ في نسبته إلى «العلمي» خللًا آخر؛ لأنه يُفهم منه أنَّ التفسيرات غيره ليست علميَّة، مع ملاحظة أنَّ هذه التسمية فيها آثار التغريب الذي يجعل العلوم الدنيوية توسم بالعلم، وغيرها من العلوم الأدبية والاجتماعية والشرعية على وجه الخصوص لا توسم بذلك، والموضوع ذو شجون، وإنما أشرت إليه هنا لأخلص إلى سؤالين طُرحا عليَّ بشأن مسألتين متعلقتين بما يُسمَّى الإعجاز: السؤال الأول: فيما ظهر لبعض الناس من توافق عددي بين ما حصل من الحدث العظيم الذي عاقب الله به الكفار في (١١:٩:٢٠٠١)، مع آية في سورة التوبة، فقد ظهر لذلك القارئ أنَّ الآية العاشرة بعد المائة (١١٠) تشير إلى أحد البرجين الذي تتكون طوابقه من هذا العدد، وأنَّ عدد السورة في ترتيب المصحف هي التاسعة تشير إلى الشهر الميلادي، وأنَّ الجزء الذي فيه هذه الآية هو الحادي عشر تشير إلى اليوم الذي وقع فيه هذا الحدث، فزعم أنَّ هذا من إعجاز القرآن؛ لأنه - بزعمه - أشار إلى هذا الحدث المستقبلي!. ولا أدري لِمَ لَمْ ينظر إلى العدِّ بالحساب القمري، ولا ذكر البرج الثاني الذي لا يتوافق مع العدد الذي ظهر له؟!. وهذا بلا شكٍّ موافقة غير مقصودة، والآية نازلة في مسجد الضرار، وليس هنا علاقة بينها وبين ما حدث لا من قريب ولا من بعيد، ومن قال: إنَّ هذا البرج من مباني الضرار، فأين =

1 / 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= موقع الآخر من الآيةِ، وإذا كان يعدُّ هذين البرجين من مباني الضرار، قياسًا على مسجد الضرار، فإنه يدخل في الآية كل مباني الكفار التي يعملون بها ضد العالم، وضدَّ المسلمين بالذات. ثمَّ ما الحاجة الداعية إلى هذا الربط الغريب العجيب، ومن ذا الذي يجزم بأن هذا مرادٌ لله. إنَّ هذا مما يدخل في الرأي المذموم؛ لأنه قول على الله بغير علمٍ، ما أكثر ما يقع من أصحاب ما يسمَّى بالإعجاز العلمي، أو التفسير العلمي. وهل يعتمد صاحب هذا القول على أنَّ هذا الترتيب جاء بالتوقيف، أم يرى أنَّه على ما جاء من مصادفة الترتيب هذه. فإن كان جاء مصادفةً، فما أكثر المصادفات التي يمكن أن تظهر لكَ، فقد تظهر لك مصادفات متعلقة بالأرقام وأنت تقرأ كتاب تاريخ، أو غيره، فهل هذه المصادفات من قبيل الإعجاز؟!. وإن كان يزعم أنَّ هذا مرادٌ، وأنه ليس من قبيل المصادفة، فقوله منقوضٌ بأمورٍ: الأول: أنَّ ترتيب الأجزاء من عمل المتأخرين، وليس فيه توقيف من النبي ﷺ، فهو عمل اجتهاديٌّ. الثاني: أنَّ في ترتيب السور قولين: قيل: إنه اجتهادي، وقيل: إنه توقيفي، ولعل من ظهر له هذا التوافق العجيب لا يعلم بهذا، وإن عَلِمَ فهل حرَّر مسألة التوقيف والاجتهاد في ترتيب السور ليجعل ما توصل إليه من هذا التوافق صحيحًا. الثالث: هل يعلم قائل هذا القول علمًا يُسمَّى «علم عدِّ الآي»؟ =

1 / 9

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهل يعلم أنه مختلفٌ في عدد آي هذه السورة على قولين: الجمهور على أنها مائة وثلاثون آية، وفي العدِّ الكوفي الذي عليه عدُّ المصحف الذي بين يديك عدد آياتها مائة وتسع وعشرون آية. وعلى قول الجمهور ينتقضُ عدد الآية؛ لأنه يكون عددها على قولهم آية ١١١، فهل دَرَى بهذا، وحرَّر هذه المسألة؟. وكأني بك أيها القارئ الكريم تقول: قد أطلت في هذا، وهو مما لا يحتاج إلى إطالة في بطلانه، فأقول لك معتذرًا: إنَّ عصرك عصرٌ يسود فيه من يأتي بالغرائب، ويبرز فيه من يحسن جلبها، فأحببت أن أردَّ من يتعرَّضُ لكتاب الله بما لا يقبله عقل العقلاءِ؟ ولكي يُعلمَ أنَّ العلم له بابٌ من أراده من غير بابه خرج بما لا تقبله العقول، وجاء بما لا ينطلي إلا على قلوب الأغرار، ولو كانوا يُعدُّون عند الناس من الكبار. وإني أخبرك بأنك لست بحاجة لإثبات عظمة القرآن وصدقه إلى هذا السبيل، وهو ما يسمى بالإعجاز، إذ أنه ليس هو السبيل الوحيد لإثبات عظمة هذا القرآن، بل هو أحد هذه السُّبل، واعلم أن العلم وحده قد لا يكفي ما لم يكن له قوة تحميه، وإنَّ الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فافهم عني ما قلت، والله الموفق إلى سواء السبيل. السؤال الثاني: قال السائل سمعت في شريط الإعجاز العلمي للدكتور زغلول النجار حديثه عن ما يتعلق بقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَاسٌ شَدِيدٌ﴾ [الحديد: ٢٥]، وكان مما قاله في هذا ما =

1 / 10

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= نصُّه: «كنت أُلقي هذه المحاضرة في جامعة ملبورن في إستراليا من أربع سنوات، فوقف لي أستاذ كيمياء في الجامعة، وقال لي: يا سيدي، هل حاولت أن تقارن بين رقم سورة الحديد في القرآن الكريم والوزن الذري للحديد، ورقم الآية في السورة والعدد الذري للحديد؟. قلت له: لا، موضوع الأرقام موضوع حرج للغاية، إذا لم يدخله الإنسان بحذر شديد يدمِّر نفسه. قال: أرجوك، حينما تعود إلى بلدك أن تتحقق من هذه القضية ... أتيت بالمصحف الشريف، وبالجدول الدوري للعناصر وكتاب في الكيمياء غير العضوية، فأذهلني أن رقم سورة الحديد سبع وخمسون، والحديد له ثلاث نظائر (٥٤، ٥٦، ٥٧) ورقم الآية في السورة (٢٥)، والعدد الذري للحديد (٢٦)، فقلت: إن هذا القرب الشديد لا بدَّ أن له تفسيرًا، فألهمني ربي آية قرآنية مبهرة، يقول فيها الحق ﵎ مخاطبًا هذا النبي الخاتم ﷺ ... ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: ٨٧]، فالقرآن بنصه يفصل الفاتحة عن بقية القرآن الكريم، ويعتبر الفاتحة مقدمة للقرآن، فقلت: إذا فصلنا الفاتحة عن بقية سور القرآن الكريم يصبح رقم سورة الحديد (٥٦)، ولو بقيت (٥٧)، ففيه نظير للحديد (٥٧)، لكن أكثر النظائر انتشارًا للحديد (٥٦). الآية رقمها (٢٥)، والعدد الذري للحديد (٢٦)، ووجدت =

1 / 11

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= القرآن الكريم يصف الفاتحة بأنها سبع من المثاني، وآياتها ستٌّ، فالبسملة آية من الفاتحة وآية من كل سورة قرآنية ذكرت فيها البسملة ما عدا سورة التوبة، فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد يصبح رقم الآية (٢٦)، ويعجب الإنسان إلى هذه اللفتة المبهرة، من الذي علَّم المصطفى ﷺ ذلك قبل ألف وأربعمائة سنة، لم يكن أحد يعلم شيئًا عن الأوزان الذرية، ولا لأعدادها الذرية، ولكن هذه معجزة هذا الكتاب الخاتم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذه الومضات القرآنية المبهرة تبقى دائمًا شهادة صدق على أن القرآن كلام الله، وأنَّ هذا النبي الخاتم ﷺ كان موصولًا بالوحي» (محاضرة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، للدكتور زغلول النجار، تسجيلات أُحد). ولا أرى أنه يخفى على العامِّي قبل المتعلِّم ذلك التَّكلف الذي قام به الدكتور الفاضل لإثبات قضية لا شأن لها في ذاتها، فضلًا عن أن تكون معجزة من معجزات القرآن، ولا يخفى على طالب العلم ما وقع له في تفسير الآية، ولا أدري هل يعرف الدكتور الفاضل التفسير النبوي لهذه الآية؟! فالوارد عنه ﷺ يجعل السبع المثاني والقرآن العظيم وصفين للفاتحة، والعطف هنا من باب عطف الصفات لا عطف الذوات، فقد روى البخاري وغيره جملة من الأحاديث في هذا المعنى، ومنها: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أم القرآن: هي السبع المثاني والقرآن العظيم». رواه البخاري برقم (٤٧٠٤)، وقال ابن =

1 / 12

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كثير معلقًا على هذه الروايات: «فهذا نصٌّ في أنَّ الفاتحة السبعُ المثاني والقرآن العظيم». تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تحقيق: سامي السلامة (١:٥٤٧)، وما دام ثبت النص عن النبي ﷺ بهذا، فإن غيره من الأقوال تسقط، ويكون تفسير الآية ما قاله ﷺ. كما لا يخفى ما وقع منه في جزمه بأن البسملة آية من كل سورة، بلا تحقيق في هذه المسائل، ولا رجوع إلى أهل العلم الذين يُعرفُ كلامهم فيها، بل اختار ما يناسب ما يريد أن يذهب إليه، وهو معرض عن ما لا يناسبه، بلا تحقيق علميٍّ، كما عوَّده البحث في العلوم التجريبية، وهل يصحُّ هذا الاختيار بلا تحقيق؟! وكذلك لا يسعفه علم عدِّ الآي فعدد آيات السورة في العدِّ الكوفي والبصري (٢٩)، وفي عدِّ الباقين (٢٨)؛ وبهذا تكون الآية (٢٤) بدلًا من أن تكون (٢٥)، ولو جعل البسملة آية على هذا القول، لصارت الآية (٢٥)، ولانتقض ما بناه أيضًا. وكل هذا التكلف في محاولة ربط مثل هذه القضايا بالقرآن إنما يصدر ممن يأتي إلى القرآن بمقررات سابقة ويريد أن يطوِّع القرآن لمقرراته، ضاربًا بكل ما خالفها عُرض الحائط، ولو كان ما خالف قولَه هو العلم الصحيح، وفي هذه المحاضرة في الإعجاز العلمي أخطاء أخرى ليس هذا محلُّ عرضِها. (ينظر في ما ذُكر من عدِّ الآي: كتاب البيان في عدِّ أي القرآن، للداني، تحقيق: الدكتور غانم قدوري الحمد).

1 / 13

ورأيت أنَّ بعضها بحاجة إلى تحرير؛ لأنها لم تُحرَّر، كمصطلح المفسر، وكالفرق بين مصطلح علومِ القرآنِ ومصطلح أصول التَّفسيرِ، إلى غير ذلك من المصطلحاتِ المنثورةِ في علومِ القرآنِ (١). وكنت أخشى أن لا يكون البحث فيها مجديًا ولا مفيدًا، وأن يكون الأمرُ من بابِ تسويدِ الورقِ بلا ثمرةٍ علميَّةٍ. ولكنِّي رأيتُ أنَّ بعضها يُبنى عليه مسائلُ علميَّة، وأنَّ تحرير هذه المصطلحات يفيدُ في أمورٍ؛ منها: * بيان المصطلحِ بذاتِه. * عدم دخول ما ليس منه فيه. * التفريق بين ما يُظنُّ أنه من المترادفات في المصطلحات. وقد كان من أكبر ما دعاني إلى خوضِ ذلك الغمارِ

(١) لم أكتب في هذا الكتاب سوى مصطلحات خمسة، وهي التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر، وذكرت في المقدمة تطبيقًا على أثر الخطأ في المصطلح من خلال مصطلح التفسير بالمأثور وما يقابله من التفسير بالرأي، وما عداها فإني سأنشره لاحقًا إن يسَّر الله.

1 / 14

عدمُ وضوحِ بعض المصطلحاتِ، أو تداخلُ بعضها ببعضٍ، أو بناءُ نتائجَ علمية على تعريفاتٍ غير صحيحةٍ لبعضِ هذه المصطلحات (١). وقد رأيت أن أقدِّم لهذا الكتاب بتطبيق على مصطلح وقع فيه خلل، وهو مصطلح «التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي»، ليتبيَّن به أهمية البحث في هذه المصطلحات، وأسأل الله أن يوفِّقني فيما أقول، إنه هو المستعان، وعليه الاتكال.

(١) بعد كتابة هذه المقدمة اطلعت على مقالة مفيدة في المصطلحات، لمحمد الثاني بن عمر بن موسى بعنوان (التقييد والإيضاح لقولهم: لا مشاحة في الاصطلاح)، تنظر في مجلة الحكمة (محرم ١٤٢٢. عدد ٢٢، ص: ٢٨١ - ٣١٧). وانظر دراسةً تطبيقيةً لأثر المصطلحات في بعض العلوم الشرعية في كتاب (المنهج المقترح لفهم المصطلح) للشريف حاتم بن عارف العوني.

1 / 15

تطبيق على مصطلح التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي

1 / 17

إنَّ مصطلح التفسير بالمأثور معروف عند العلماء السابقين، لكنَّ تعريفه بأنه: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة، وتفسير القرآن بأقوال الصحابة، وتفسير القرآن بأقوال التابعين = مصطلحٌ معاصر. وقد جُعِلَ مصطلح التفسير بالمأثور هذا مقابلًا للتفسير بالرأي؛ أي أنَّ ما لم يكن من التفسير بهذه الأنواع الأربعة، فهو من التفسير بالرأي. ومما بُنِيَ على هذين المصطلحين من نتائج: تقسيم كتب التفسير على هذين المصطلحين. وهناك غير ذلك مما ذكره من كتب في هذا المصطلح سيأتي ذكر بعضها أثناء الحديث عنه. مناقشة هذا المصطلح: أولًا: في تحديد التفسير بالمأثور في هذه الأنواع الأربعة: ١ - إنَّ من جعل التفسيرَ بالمأثور يشمل هذه الأنواع الأربعة، لم يبين سبب تحديد المأثورِ بها. وهذا التحديد

1 / 19

اجتهادٌ، وهو قابل للأخذ والردِّ، كما هو الحال في غيره من المصطلحات العلميَّةِ غير الشرعيَّةِ. وأقدم من رأيته نص على كون هذه الأربعة هي التفسير بالمأثور الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني (ت:١٣٦٧)، حيث ذكر تحت موضوع (التفسير بالمأثور) ما يأتي: «هو ما جاء في القرآن أو السنة أو كلام الصحابة تبيانًا لمراد الله من كتابه» (١). ثم جاء بعده الشيخ محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧)، فذكر هذه الأنواع الأربعة تحت مصطلح (التفسير المأثور)، فقال: «يشمل التفسير المأثور: ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقلَ عن الرسول ﷺ، وما نُقلَ عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما نُقِلَ عن التابعين، من كل ما هو بيان وتوضيح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم» (٢). ثمَّ تتابع بعض المعاصرين على هذا المصطلحِ

(١) مناهل العرفان (٢:١٢)، ويلاحظ هنا أنه لم يُدخل تفسير التابعين. (٢) التفسير والمفسرون، للذهبي (١:١٥٢).

1 / 20

بتقسيماته الأربعة. لذا فإنَّ كثرة وجوده في كتب علوم القرآن المعاصرة، أو غيرها من كتب مناهج المفسرين، أو مقدمات بعض المحققين لبعضِ التفاسير (١) = لا يعني صحَّته على الإطلاق، بل هؤلاء نقلوه عن كتاب «التفسير والمفسرون» بلا تحرير ولا تأمُّلٍ فيه، إلا القليل منهم. ٢ - إن المعروف من لفظة مأثور: ما أُثرَ عن السابقين، وتحديد زمنٍ معيَّنٍ إنما هو اصطلاحٌ. وإذا كان ذلك كذلك؛ فكيف يكون تفسير القرآن بالقرآن مأثورًا، وأنت ترى الله يَمُنُّ عليك بتفسير آيةٍ بآيةٍ، فعن من أثرته؟! عن من أَثَرَ ابن كثيرٍ (ت:٧٧٤) تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ؟! وكذا محمد الأمين الشنقيطيُّ (ت:١٣٩٣) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، عمَّن أَثَرَ تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ؟!

(١) من أمثلة الكتب التي سارت على هذا التقسيم: التبيان في علوم القرآن - للصابوني (ص:٦٣)، أثر التطور الفكري في التفسير في العصر العباسي د مساعد بن مسلم آل جعفر (ص:٧٢)، مدرسة التفسير في الأندلس لمصطفى إبراهيم المشني (ص:١٢٧)، مكي بن أبي طالب ومنهجه في التفسير لأحمد حسن فرحات (ص:٢٣١)، مقدمة تحقيق تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم، حققه الشيخ علي محمد معوض وزملاه (١:٤٥).

1 / 21

وإذا كان ذلك واضحًا لك، فكيف يكون اجتهاد المتأخرين والمعاصرين وأهل البدع الذين يحملون بعض الآي على بعضٍ ويفسِّرونها بها، كيف يدخل كلُّ هذا في المأثورِ عن الصحابة والتابعين؟! ولا شكَّ أن حمل معنى آية على آية هو من اجتهاد المفسِّر، سواءً أكان المفسر من الصحابة، أم كان من التابعين، أم كان ممن جاء بعدهم، والاجتهاد عرضة للخطأ، ويوزن بميزانٍ علميٍّ معروفٍ، ولا يقبل إلاَّ إذا حَفَّتْ به شرائطُ القبولِ، كأيِّ اجتهادٍ علميٍّ آخر (١).

(١) ليس الحديث هنا عن قبول التفسير بالقرآن وعدم قبوله؛ لكن ما يُنبَّه عليه هنا أنَّ بعض تفسير القرآن بالقرآن ما يمكن أن يدخل فيما أُجمع عليه؛ لأنه لا يكاد يختلف فيه اثنان، وهذا إنما قُبِلَ من هذه الجهة فحسب، لا لكونه تفسير قرآن بقرآنٍ فقط، ولا شكَّ أنَّ ما كان تفسيرًا بالقرآن - إن صحَّ - فإنه أولى ما يُرجع إليه؛ كأن يكون تفسيرًا واردًا عن النبي ﷺ، أو يكون كمثل قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ [الطارق: ١ - ٣]، فمن ذا الذي يمكنه أن لا يفسِّر الطارقَ بأنه النجم الثاقب. وهذا النوع أعلى التفاسير وأبلغُها، لكن هناك كثيرٌ من تفسيرات للقرآن بآي من القرآن عليها ملاحظات، وفيها أخطاء، فلا يمكن أن يُحْكَمَ لها بالصحَّة لأنها تفسير قرآن بقرآن.

1 / 22

ومن هنا يجب أن تُفَرِّقَ بين كون القرآن مصدرًا من مصادر التفسير، أو أنه أحسن طرق التفسير، وبين كون التفسير به يُعدُّ من التفسير بالمأثور، والفرق بين هذين واضحٌ. ٣ - أين يقع تفسير أتباع التَّابعين في هذين المصطلحين، وما علَّةُ جعلِه مأثورًا أو غير مأثورٍ عند هؤلاء؟. لقد عَلَّلَ محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧) لسبب إدخال تفسير التَّابعين في المأثور، فقال: «وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوي عن التابعين - وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟ (١) - لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور - كتفسير ابن جرير وغيره - لم تقتصر على ما ذكر مما روي عن النبي ﷺ وما روي عن الصحابة، بل ضمَّنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير» (٢).

(١) يظهر أنَّه نقله من الزرقاني، فقد قال في مناهل العرفان (٢: ١٣): «وأمَّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلافٌ بين العلماءِ: منهم من اعتبره من المأثورِ؛ لأنهم تلقَّوه من الصحابة غالبًا، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي». (٢) التفسير والمفسرون (١:١٥٢).

1 / 23

وإذا تأمَّلت هذه العِلَّة التي ذكرها، وجدتها أنها تندرج على مفسِّري أتباع التابعين؛ كابن جُريج (ت:١٥٠)، وسفيان الثوري (ت:١٦١) وابن زيد (ت:١٨٢) وغيرهم ممن ترى تفسيراتهم منثورةً في كتب التفسير التي تُعنى بنقل أقوال مفسري السلف - كتفسير الطبري (ت:٣١٠) وابن أبي حاتم (ت:٣٢٧) وغيرهما - بل قد لا يوجدُ في مقطع من مقاطع الآية إلا تفسيرُهم، فَلِمَ لمْ يعُدَّها من التفسيرِ بالمأثورِ؟!. ٤ - إن بيان أصل الخلطِ في هذا المصطلحِ يدلُّ على عدمِ تحريره وصحَّته، فقد كان أصل النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:٧٢٨) في حديثه عن أحسن طرق التفسير، وهي تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم بأقوال التابعين (١). ومما يبيِّنُ أنهم اعتمدوا على ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّةَ (ت:٧٢٨) وغيَّرُوا المصطلحَ من «طرق التفسير» إلى «التفسيرِ بالمأثور» أنهم حكوا الخلاف في كونِ تفسير التابعين يُعَدُّ من التفسيرِ بالمأثورِ أو لا يُعدُّ، قال الزرقانيُّ

(١) ينظر: مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق: عدنان زرزور (ص:٩٣ - ١٠٢).

1 / 24

(ت:١٣٦٧): «وأمَّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف بين العلماء: منهم من اعتبره من المأثور؛ لأنهم تلقوه من الصحابة غالبًا، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي» (١). وقال محمد حسين الذهبي (ت:١٣٩٧): «وإنما أدرجنا في التفسير المأثور، ما رُوي عن التابعين - وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟ - لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور - كتفسير ابن جرير وغيره - لم تقتصر على ما ذكر مما روي عن النبي ﷺ، وما روي عن الصحابة، بل ضمنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير» (٢). والأصلُ الذي نقلا منه - وهو رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:٧٢٨) - جاء فيه ما يأتي: «وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم. وهذا صحيح. أمَّا إذا اجتمعوا على الشَّيء فلا يُرتابُ في كونه حُجَّةً، فإن اختلفوا فلا

(١) مناهل العرفان، للزرقاني (٢:١٣). (٢) التفسير والمفسرون (١:١٥٢).

1 / 25

يكون قول بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن والسُّنَّةِ، أو عموم لغة العربِ، أو أقوال الصحابةِ في ذلك» (١). وإذا وازنت بين هذه النُّقولِ تبيَّنَ لك أنَّهم تركوا مصطلحَ «طرق التفسير» إلى مصطلحٍ أحدثوه بدلًا عنه، وهو مصطلح «التفسير بالمأثور»، ونزَّلوا ما ذكرَه شيخ الإسلام (ت:٧٢٨) في حديثه عن «طرق التفسيرِ» على هذا المصطلحِ الذي اصطلحوا عليه. ثانيًا: علاقة المأثور بالرأي: يُفهم ممن جعل التفسير بالرأي قسيمًا للتفسير بالمأثور، أنَّ التفسير بالرأي ما عدا الأربعة المذكورة في التفسير بالمأثور، وهذا فيه عدم تحرير، وقد ظهر من ذلك نتائج؛ منها: أنَّ التفسير المأثور أصح من التفسير بالرأي، وأنه يجب الاعتمادُ عليه. وهذا الكلام من حيث الجملة صحيحٌ، إلا أنه لم يقع فيه تحديد مصطلح الرأي، ومعرفة مستندات الرأي لكلِّ

(١) مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق: عدنان زرزور (ص:١٠٥).

1 / 26