Commentary on Gabriel's Hadith on Teaching Religion
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
ناشر
مطبعة سفير،الرياض
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
دخول الأعمال في مسمَّى الإيمان، بل هو من عطف الخاص على العام؛ وذلك أنَّ التفاوتَ بين الناس في الإيمان يكون غالبًا لتفاوتهم في الأعمال، وفي الأقوال أيضًا؛ لأنَّ القولَ عملُ اللِّسان، بل إنَّهم يتفاوتون فيما يقوم بقلوبهم، قال الحافظ في الفتح (١/٤٦) نقلًا عن النووي: "والأظهرُ المختار أنَّ التصديق يزيد وينقص بكثرة النَّظر ووضوح الأدلَّة، ولهذا كان إيمانُ الصدِّيق أقوى من إيمان غيره؛ بحيث لا يعتريه الشُّبهة، ويؤيِّده أنَّ كلَّ أحد يعلمُ أنَّ ما في قلبه يتفاضل، حتى إنَّه يكون في بعض الأحيان الإيمان أعظم يقينًا وإخلاصًا وتوكُّلًا منه في بعضها، وكذلك التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها".
والذين أخرجوا الأعمال من أن تكون داخلةً في مسمَّى الإيمان طائفتان: المرجئة الغلاة، الذين يقولون: إنَّ كلَّ مؤمن كاملُ الإيمان، وأنَّه لا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهذا القول من أبطل الباطل، بل هو كفر.
ومرجئة الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم، الذين قالوا بعدم دخول الأعمال في مسمَّى الإيمان، مع مخالفتهم للمرجئة الغلاة في أنَّ المعاصي تضرُّ فاعلَها، وأنَّه يُؤاخذُ على ذلك ويُعاقَب، وقولُهم غيرُ صحيح؛ لأنَّه ذريعةٌ إلى بدع أهل الكلام المذموم من أهل الإرجاء ونحوهم، وإلى ظهور الفسق والمعاصي، كما في شرح الطحاوية (ص:٤٧٠) .
والإيمانُ يزيد بالطاعة وينقصُ بالمعصية، فمن أدلَّة زيادته قول الله ﷿: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾، وقوله: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾، وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ
1 / 71