مدخل
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ.
تفرد _سبحانه_ بالوحدانية، وأبدى للعالمين آثارها، وتوحّد بالصمدانية، وأشرقت في السموات والأرض أنوارها، وأقرّ بألوهيته من سكن علوها وسفلها، وقفارها وبحارها ﴿لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (الأنبياء:٢٢) الأحد الذي انفرد بالذات والصفات والأسماء، المتفرد بالقدرة القاهرة، والعظمة الباهرة، والجلال الأسمى، الذي أحسن كل شيء خلقه وأحاط به علما ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ (الأنعام:٣) شهدت مصنوعاته بوحدته في الخلق والأمر وانفراده، وجرت أحكامه فيها على وفق مراده، ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ﴾ (النحل:٢) المتنزه عن مشابهة المحدثات صفاته، المتعالية عما لا يليق لعظيم سلطانه ذاته، وقامت بالحجة على ذلك آياته ﴿إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ (يونس:٦) القيوم الذي بحكمته وتدبيره حسن نظام الوجود، والقائم بما يحتاج إليه كلّ موجود. فالهالك من اتّخذ من خلقه (معبودا) (١) ﴿أَمْ لهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾ (الأنبياء:٤٣) فسبحانه من إله؛ ملك الوجود بأسره، وتضاءل من فيه تحت جبروته وقهره، وانقاد خضعانًا لهيبته وأمره، ﴿وَلهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لهُ قَانِتُونَ﴾ (الروم:٢٦) .
_________
(١) في المخطوط (معبود) والصواب ما أثبتناه لأنها منصوبة.
1 / 17