العلامة الثانية: قوله: "أن ترى الحفاة العراة" الحفاة هم: من لا نعال لهم جمع حاف أي: لا نعل له، والعراة: جمع عار، وهو من ليس على جسده من الثياب ما يستره، والعالة: الفقر.
قال تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ (الضحى:٨) .
قوله: "رعاء الشاة" وهو بكسر أوله وبالمد: جمع راع، ويجمع أيضا على رُعاه بضم أوله، أخره هاء، والرّعي: الحفظ، والمراد أن أسافل الناس يصيرون رؤساءهم، وتكثر أموالهم حتى يتباهون بطول البنيان وزخرفته يعني إذا كثرت أموال أهل الحاجة والفاقة والفقر بسبب كونهم ملكوا الحضر. وقسروهم بالغلبة والقهر، فامتدت لهم الآمال، بعد اتساع الحال، وجمع أنواع المال، فصار همهم تشييد المباني وهدم أركان الدين بعدم العمل بآيات المثاني، فهذا التفريط والإضاعة هو من إمارات الساعة.
وقد صرح في حديث أبي هريرة بذكر ثلاث علامات منها: أن يكون الحفاة العراة رؤوس الناس، ومنها أن يتطاول رعاء البهم في البنيان.
وفي حديث عبد الله بن عطا عن عبد الله بن بريدة فقال فيه: وأن ترى الصم البكم العمي الحفاة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ملوك الناس، قال: فقام الرجل فانطلق فقلنا: يا رسول الله من هؤلاء الذين نعتّ؟ قال: "هم العريب" (١) . وقوله: "الصم البكم" إشارة إلى جهلهم وعدم علمهم وفهمهم.
والأحاديث في هذا المعنى متعددة، والأخبار والآثار فيه كثيرة مسندة، فمنها: ما خرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث حذيفة عن النبي
_________
(١) رواه المروزي في "الصلاة" (٣٦٧) وعنده "العرب" بدل "العريب".
1 / 59