وروى الطبراني في معجمه بسنده إلى غالب القطان أنه سمع الأعمش يتهجد من الليل فمر بهذه الآية ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًَا بِالْقِسْطِ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ﴾ فقال: وأنا أشهد الله بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ﴾ قالها مرارا، وذكر أنه سأله هل سمع فيها شيئًا فقال: أو ما بلغك ما فيها، قال رسول الله ﷺ: "يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله ﷿: عبدي عهد إلي، وأنا أحقُّ من وفَّى بالعهد، أدخلوا عبدي الجنة" (١) وفي قوله ﷺ في حديث سؤال جبريل النبي ﷺ عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، المروي عن جماعة من الصحابة، وخرَّجاه في الصحيحين، وفي آخره: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم" (٢) ويعلم مطابقة ودلالة لما ذكرنا أقول: هذه الآيات المحكمات بكفر الكتابيين والمشركين من الأميين حاكمة، وبراهينها القاطعة لظهورهم قاصمة، وكفى بأصدق الشاهدين والقائلين شهيدًا وبما تضمنته للعادلين عنها وعيدًا، شهد سبحانه ﷾ أنه المنفرد بالألوهية بجميع الخليقة، وأن الموجودات علوها وسفلها جميعهم عبيده وخلقه والفقراء إليه في الحقيقة، وأنه الغني عمن سواه، وله الغناء المطلق العام، والفضل السابغ التام، كما قال تعالى: ﴿لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَل إِليْكَ أَنْزَلهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ (النساء:١٦٦) ثم قرن تعالى شهادة
_________
(١) رواه الطبراني في امعجمه الكبير (١٠/٢٤٥) ورقمه (١٠٤٥٣) قال في المجمع (٦/٣٢٦) وفيه عمر بن المختار، وهو ضعيف.
(٢) رواه البخاري ورقمه (٥٠) من حديث أبي هريرة ﵁ ورواه مسلم ورقمه (٨) من حديث عمر بن الخطاب ﵁.
1 / 33