والمأمول ممن تصفح هذه الأوراق، وسرَّح في روضها الأحداق، وكان له بآداب العلم اعتلاق، ومن صافي شراب العلماء كأس دهاق، وجنى من يانع أثمارها، واقتطف من شميم أزهارها، واقتبس من لامع أنوارها، أن يستر ما رأى من عوارها، فذلك من مكارم الأخلاق، وأهلها للمساوي يسترون ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ (الشورى:٣٧)، مع أنها وإن كانت في ذاتها جميلة، فقد برزت شعثاء من غير تحسين ولا تجميل، وصدرت وركاب حملتها مناخة للسفر بها والرحيل، ورسل الإمام تحثُّني في البكرة والأصيل، وتحضني على الإنجاز والتعجيل، وعدم الإطناب في الكلام والتطويل، والذهن بعد تغيُّر الحال وتكدر البال كليل، ﴿وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (الزخرف: من الآية ٣٢) ﴿فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الشورى:٣٦) .
وما ذكر من حال الشيخ ومبدأ عمره وأخباره، وسيرة الإمام وأولاده وأصهاره، وكافة عصابته وأنصاره، سوى شذرة، تكون للمسترشد عبرة؛ لأن هذه ليست مصنفة لذلك، ولا تدخل من التاريخ والمغازي في مسالك، فمن أراد تفصيل ما جرى، وما نالوا من الممالك، فعليه بمطالعة التاريخ المسمى (بروضة الأفكار والأفهام)؛ فإنه في الحقيقة حديقة الحقائق، ورقائق الحدايق والعيون.
1 / 28