والضلال والإلحاد، ووعده النصر والتمكين، والله لا يخلف الميعاد ﴿إِنَّهُمْ لهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (الصافات:١٧٢-١٧٣) .
فنهد ﷺ وأصحابه الحماة الكماة (١) الأبطال، مسارعين لأداء الأمر في الامتثال، مشرعين أسنَّة زرقا كأنياب أغوال (٢)، راجين جزيل الثواب في القتال ﴿وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلمُونَ كَمَا تَأْلمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء:١٠٤) فأصبحت لوامع مرهفاتهم لغياهب الكفر جالية، لما بذلوا في سبيله النفوس الغالية، فمنحهم مولاهم الدرجات العالية ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل عمران:١٦٩) فرفع الله قواعد المة السمحاء، وهدَّ دعائم العوجاء، وأبدلها صبحًا، وتوالت الفتوح على أهل الإسلام فتحًا، وحقَّق الله تعالى لهم من مأمولهم نجحًا ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ليَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَليُمَكِّنَنَّ لهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لهُمْ وَليُبَدِّلنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور:٥٥) .
فلما أكمل الله تعالى لأمته الدين، وأتمَّ نعمته على المسلمين، أتاه من ربه اليقين ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ (الأنبياء:٣٤) فلم تزل أعلام الإسلام في خلافة خلفائه مرفوعة مشهورة، وألوية التوحيد في الأمصار منصوبة منشورة، وعساكرهم على عداتههم منصورة، وعداتهم بالذلِّ مقهورة، وجنود الردى
_________
(١) أي الشجاع المقدام الجريء، كان عليه سلاح أو لم يكن. انظر: المعجم الوجيز ص٥٤٢.
(٢) أغوال مفردها غول بالضم من السعالى وتجمع غيلان. مختار الصحاح ص٤٢٧.
1 / 22