وكرهت أن أعتب عليك في وجهك، فينبغي أن لا تذكر في إلا الحق، أفقد أغضيت على القذى إلى أن يبلغ الكتاب أجله ".
فنهض إليه سلمان (رضي الله عنه) وأبلغه ذلك وعاتبه، ثم ذكره مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) فوصف فضله وبراهينه.
فقال عمر: عندي الكثير من عجائب علي ولست بمنكر فضله، إلا أنه يتنفس الصعداء ويظهر (1) البغضاء.
فقال له سلمان: يا أمير المؤمنين، حدثني بشيء مما رأيت من علي.
فقال عمر: يا أبا عبد الله، نعم، خلوت ذات يوم بابن أبي طالب في شيء من أمر الجيش (2)، فقطع حديثي وقام من عندي وقال: " مكانك حتى أعود إليك، فقد عرضت لي حاجة " فخرج فما كان بأسرع من أن رجع [علي ثانية] وعلى ثيابه وعمامته غبار كثير، فقلت له: ما شأنك؟ فقال: " أقبل نفر من الملائكة وفيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريدون مدينة بالمشرق يقال لها " صيحون " فخرجت لأسلم عليه وهذه الغبرة ركبتني من سرعة المشي ".
[قال عمر:] فضحكت متعجبا حتى استلقيت على ظهري! وقلت له: رجل مات وبلي وأنت تزعم أنك لقيته الساعة وسلمت عليه؟! هذا من العجائب ومما لا يكون، فغضب ونظر إلي وقال: " أتكذبني يا ابن الخطاب؟! " فقلت له: لا تغضب، وعد إلى ما كنا فيه فإن هذا مما لا يكون أبدا! قال: " فإن أرايتكه حتى لا تنكر منه شيئا استغفرت الله مما قلت وأضمرت، وأحدثت توبة مما أنت عليه [وتركت لي حقا]؟ " قلت: نعم.
فقال: " قم معي " فخرجت معه إلى طرف المدينة، فقال: " أغمض عينيك " فغمضتهما، فمسحهما بيده ثلاث مرات، ثم قال: " افتحهما " فإذا أنا والله يا أبا عبد الله
صفحہ 39