فرغنا من الكلام في الشعوب القوقاسية الأوروبية، وآن لنا أن نتكلم عن الشعوب القوقاسية في آسيا وأفريقيا ومنهم العرب والسوريون من الشعوب السامية والهنود من الشعوب الآرية، والمصريون والمغاربة من أهل شمالي أفريقيا.
فالعرب ولا سيما عرب البادية أقرب الساميين إلى الأصل السامي، وهم بارزو الأذقان عقف الأنوف (راجع فراسة الأنف) سود العيون والشعر سمر البشرة، وقد وجد الباحثون في طبائع الإنسان أن جمجمة العربي أرق جدارا وأكثف بناء من جماجم سائر البشر حتى تكاد تكون شفافة؛ ولذلك فهو دقيق الشعور سريع الانتباه، ولا ريب أن العرب أسرع أمم البادية خاطرا وأحد ذهنا.
والإسرائيلي رأسه أكبر من رأس العربي، بل هو الآن أكبر من رءوس سائر الأمم السامية، وأخلاقه شبيهة بأخلاق العرب، ولكنه يمتاز بتدينه وحبه للتجارة واقتداره على التحيل في اكتساب الأموال، وقلما يشارك الناس في مصائبهم.
الهنود:
أما الهنود فهم من الشعوب الآرية مثل شعوب أوروبا، وجماجمهم تشبه جماجم أمم أوروبا لكنها أصغر منها مع دقة بنائها، وقد كان الهندي والتيوتوني والقلتي والبلاسجي عائشين في بقعة واحدة وراء أفغانستان، ثم تفرقوا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا في أعصر مختلفة، فالذين أقاموا في الهند أثر الإقليم في أمزجتهم بتوالي الأجيال فانحطت قواهم عن إخوانهم الذين نزحوا إلى أوروبا، حتى أصبح رأس الهندي لا يزيد على ثلاثة أرباع رأس أخيه التيوتوني، فلا عجب إذا تغلب الإنكليز على أعمامهم الهنود وهم أقل منهم عددا، فإن حجم الرأس قياس القوة، وزد على ذلك أن رأس الهندي ضيق عند قاعدته، مما يدل على ضعف العزيمة في الحرب، وأما رأس الإنكليزي فإنه عريض هناك.
شكل 20: ابن نظام الملك في حيدر آباد.
هذه خلاصة فراسة الأمم، ولا يسع المقام أطول منها، وإنما أردنا بإيرادها تتمة الأدلة على علاقة ظواهر الأجسام ببواطنها، على أن هذا البحث مع حداثته قد كتب العرب فيه على ما يوافق معارفهم في أحوال البشر، وكان البشر عندهم ينقسمون باعتبار أماكنهم أو أحزابهم بقطع النظر عن أشكال رءوسهم أو أبدانهم أو غير ذلك، فكانت الأمم عندهم لا يزيد عددها على بضع عشرة أمة، أشهرها الفرس والعرب والترك والروم والديلم والكرد والبربر والأرمن والهند والحبش، وعندهم لكل أمة صفات خاصة. قال صاحب آثار الأول في ترتيب الدول:
الفرس: «ذو شهامة ونجدة وصبر وحسن سياسة، فكان لهم الملك ودام فيهم، ودانت لهم البلاد واستمرت على الممالك ألوف سنين، وفيهم الرمي بالنشاب، وأهل جبالهم رجالة شجعان مثاقفون يرمون بالحجر المصيب، والمنجنيق من استنباطاتهم، ويقال إنه ظهر في زمن النمرود، وهو من نبطهم وأعقاب دولتهم بالعراق، وقد جاء في تفسير قوله تعالى
وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ، قال بعض الصحابة: من هؤلاء يا رسول الله؟ قال: «هذا وقومه.» وأشار إلى سلمان الفارسي.
العرب:
نامعلوم صفحہ