178

علل النحو

علل النحو

تحقیق کنندہ

محمود جاسم محمد الدرويش

ناشر

مكتبة الرشد

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

پبلشر کا مقام

الرياض / السعودية

الْفِعْل عَنهُ بضميره، فَامْتنعَ من الْعَمَل فِي (زيد) فَشبه بِقَوْلِك: زيد ضَربته، إِذْ كَانَ الرّفْع لَا يُغير الْمَعْنى، واستخف إِذْ كَانَ فِيهِ إِسْقَاط تَقْدِير فعل مُضْمر، وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ يجوز فِي الْأَمر وَالنَّهْي. فَإِن قَالَ قَائِل: من شَرط خبر المبتدإ أَنه يجوز فِيهِ الصدْق وَالْكذب، وَالْأَمر وَالنَّهْي لَا يجوز أَن يكون فيهمَا، فَكيف جَازَ أَن يقعا خَبرا للمبتدإ؟ قيل: جَازَ ذَلِك بِحمْل الْكَلَام على مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ أَن الأَصْل: اضْرِب زيدا، فَإِذا قدمت (زيدا) مَرْفُوعا، وشغلت الْكَلَام بضميره، فَمَعْنَى الْكَلَام بَاقٍ، وَإِنَّمَا رفع بشبه لَفظه بالمبتدإ وَالْخَبَر، فَلَمَّا وجدنَا مساغ جَوَاز رَفعه، لِأَن فِيهِ تَقْدِير إِسْقَاط تَقْدِير الْفِعْل الْمُضمر، جَوَّزنَا رَفعه، وَحمل فِي الحكم على مَعْنَاهُ، وَأما إِذا رفعت الِاسْم بعد حرف الْجَزَاء، فَلَا يجوز أَن ترفعه بِالِابْتِدَاءِ، لِأَن حُرُوف الشَّرْط أَلْفَاظ تَقْتَضِي الْفِعْل، فَلَا يجوز أَن يَخْلُو مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِك فَلَو رفعت الِاسْم بِالِابْتِدَاءِ، لم يجز جزم الْفِعْل بعده، لفصلها بَين حرف الشَّرْط وَمَا قد عمل فِيهِ الِاسْم، لِأَن الْجَازِم مَعَ المجزوم، كالجار مَعَ الْمَجْرُور، وأضعف حَالا، فَلهَذَا جَاءَ فِي الْجَزَاء الْأَمر وَالنَّهْي، وَإِن اشْتَركَا فِي قبح الرّفْع فيهمَا فَإِن قَالَ قَائِل: فَبِأَي شَيْء يرفع الِاسْم بعد حرف الْجَزَاء، وَقد شغلت الْفِعْل بضميره، وَهُوَ مفعول فِي الْمَعْنى؟ قيل لَهُ: يرفع على إِضْمَار فعل مَا لم يسم فَاعله، كَأَنَّك قلت: إِن يكرم زيد تكرمه يأتك، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَن الْفِعْل إِذا لم يسم فَاعله لَا يتَغَيَّر معنى، وَلَو سميت فَاعِلا لم يكن ينْقض عمله، فجريا مجْرى وَاحِدًا، فَوَجَبَ إِضْمَار فعل مَا لم يسم فَاعله، ليَصِح رفع (زيد) . فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ (٣٩ / أ) إِذا رفعت (زيدا) بِالْفِعْلِ الْمُضمر فقد جزمت الْفِعْل الظَّاهِر ب (إِن)، وَقد فصلت بَينهمَا، فَكيف جَازَ ذَلِك وَقد امْتنعت مِنْهُ، إِذْ لم يظْهر الْفِعْل؟

1 / 314