علل النحو
علل النحو
تحقیق کنندہ
محمود جاسم محمد الدرويش
ناشر
مكتبة الرشد
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
پبلشر کا مقام
الرياض / السعودية
اصناف
نحو و صرف
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَل يجوز تَقْدِيم الْخَبَر على (مَا دَامَ وَمَا زَالَ)؟
قيل لَهُ: لَا يجوز ذَلِك عِنْدِي، فَأَما امْتِنَاعه فِي (مَا دَامَ) فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْمصدر، وَمَا تعلق بِالْمَصْدَرِ فَمن صلته، وَمَا فِي الصِّلَة لَا يتَقَدَّم على الْمَوْصُول، لِأَنَّهُ يجْرِي مِنْهُ مجْرى بعض الِاسْم، وَبَعض الِاسْم لَا يتَقَدَّم على بعض، فَلم يجز تَقْدِيم خبر (مَا دَامَ وَمَا زَالَ)، ف (مَا) الدَّاخِلَة على (زَالَ) للنَّفْي، وَمَا دخل فِي حكم النَّفْي لَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ، لِأَن الْمُوجب للنَّفْي حرف، والحروف ضِعَاف، وَلَيْسَت لَهَا قُوَّة الْفِعْل، فَلم يجز تَقْدِيم مَا أوجبه حكمهَا عَلَيْهَا لِضعْفِهَا، فَلهَذَا لم يتَقَدَّم الْخَبَر على (مَا زَالَ)، وَلَا على مَا فِي أَوله (مَا) للنَّفْي من سَائِر الْأَفْعَال.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلَو كَانَت (مَا) فِي (مَا زَالَ) للنَّفْي، لجَاز أَن تَقول: مَا زيد إِلَّا قَائِما، فَلَمَّا امْتنعت هَذِه الْمَسْأَلَة فِي ذَلِك، علمنَا أَنَّهَا مُخَالفَة لحكم (مَا) الدَّاخِلَة على (كَانَ) فِي قَوْلك: مَا كَانَ زيد الا قَائِما؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن هَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّمَا امْتنعت من (مَا زَالَ) لِأَن حكم الِاسْتِثْنَاء أَن يبطل حكم النَّفْي، أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت: مَا كَانَ زيد قَائِما، نفيت الْقيام، وَإِذا قلت: مَا كَانَ زيد إِلَّا قَائِما، أثبت الْقيام، فَصَارَ بِمَنْزِلَة قَوْلك: كَانَ زيد قَائِما، وَكَذَلِكَ لَو جَوَّزنَا الِاسْتِثْنَاء بعد (مَا زَالَ)، لصار التَّقْدِير: زَالَ زيد قَائِما، وَقد بَينا أَن ذَلِك لَا يسْتَعْمل إِلَّا بِحرف النَّفْي، وَإِدْخَال حُرُوف الِاسْتِثْنَاء يبطل مَا وضعت عَلَيْهِ، فَلهَذَا منعناها الِاسْتِثْنَاء، وَلَيْسَ امتناعها عَن جَوَاز الِاسْتِثْنَاء لما ذَكرْنَاهُ يخرج عَن أَن تكون للنَّفْي، لِأَن (لَيْسَ) لَا تَخْلُو إِذا أدخلت على (زَالَ)
1 / 255