145

العبرات

العبرات

ناشر

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

علاقے
مصر
فِي كُلّ مَكَان كَانَتْ تَجْلِس فِيهِ مَعَ أَرْمَان وَأَشْرَفَتْ مِنْ كُلّ نَافِذَة كَانَ يُشْرِف مِنْهَا مَعَهَا وَقَبِلَتْ جَمِيع آثَاره وَبَقَايَاهُ وَلَثَمَتْ اَلْكَأْس اَلَّتِي كَانَ يَشْرَب بِهَا وَالزَّهْرَة اَلَّتِي كَانَ يُحِبّهَا وَالْقَلَم اَلَّذِي كَانَ يَكْتُب بِهِ وَالْكُتَّاب اَلَّذِي كَانَ يَقْرَأ فِيهِ فَإِذَا نَالَ مِنْهَا اَلتَّعَب جَلَسَتْ عَلَى بَعْض اَلْمَقَاعِد لِتَأْخُذ لِنَفْسِهَا رَاحَتهَا فَرُبَّمَا طَارَ بِهَا خَيَالهَا إِلَى ذَلِكَ اَلْعَهْد اَلْقَدِيم فَتُمَثِّل لَهَا أَنَّ أَرْمَان جَالَسَ تَحْت قَدَمَيْهَا يَسْرُد عَلَيْهَا حَادِثَة مِنْ حَوَادِث طُفُولَته فِي نيس أَوْ يَبُثّهَا مَا يُضْمِرهُ لَهَا فِي نَفْسه مِنْ اَلْوَجْد وَالْغَرَام فَتَبْتَسِم لِحَدِيثِهِ اِبْتِسَام اَلسَّعِيد اَلْهَانِئ وَتَسْتَشْعِر فِي نَفْسهَا لَذَّة لَا يَشْعُر بِمِثْلِهَا إِلَّا اَلْمُتَّقُونَ فِي جَنَّات اَلنَّعِيم ثُمَّ تَفْتَح عَيْنَيْهَا فَلَا تَرَى أَمَامهَا غَيْر اَلْوَحْشَة وَالسُّكُون وَالْوَحْدَة وَالِانْفِرَاد فَتُبْكِي مَا شَاءَ اَللَّه أَنْ تَفْعَل ثُمَّ تَعُود إِلَى بَيْتهَا فِي بَارِيس فَتَجْلِس عَلَى كُرْسِيّهَا بِجَانِب مِنْضَدَتهَا وَتُنَاجِي أَرْمَان فِي مُذَكِّرَاتهَا جَمِيع مَا تُحَدِّثهَا بِهِ نَفْسه كَأَنَّهُ حَاضِر بَيْن يَدَيْهَا يَرَاهَا وَيَسْمَعهَا

1 / 149