من تشارلز داروين إلى دبليو دي فوكس
إلكلي، يوركشاير،
الأربعاء [16 نوفمبر 1859] ... يعجبني المكان للغاية، وقد استمتع به الأطفال كثيرا، وعاد بالنفع على زوجتي. وعاد بالنفع على هنرييتا في البداية أيضا، لكن حالها ساء مجددا. أما أنا فتعرضت لسلسلة من الحوادث: التواء في الكاحل أولا، ثم تورم شديد في ساقي كلها ووجهي، وطفح جلدي شديد، ومجموعة متتالية بشعة من الدمامل، أربعة أو خمسة في المرة الواحدة. لقد مرضت بشدة، وليس لدي إيمان بأن هذه «المحنة الفريدة»، كما يصفها الطبيب، تنفعني كثيرا ... الأرجح أنك تلقيت كتابي الممل عن الأنواع، أو ستتلقاه قريبا جدا، وأعتقد بطبيعة الحال أنه يحوي الحقيقة بدرجة كبيرة، لكنك لن تتفق معي إطلاقا. لقد غير الدكتور هوكر، الذي أعتبره أحد أفضل الخبراء في أوروبا، رأيه وصار مقتنعا تماما بأفكاري، ويظن أن لايل أيضا أصبح كذلك؛ وأؤكد لك أن لايل، بناء على خطاباته إلي عن الموضوع، قد تزحزح عن قناعته السابقة وصار مترددا بشدة. إلى اللقاء. إذا أثر الكتاب في أفكارك، فلتخبرني ...
من تشارلز داروين إلى دبليو بي كاربنتر
إلكلي، يوركشاير،
18 نوفمبر [1859]
عزيزي كاربنتر
يجب أن أشكرك على خطابك بالأصالة عن نفسي، وإذا كنت أعرف نفسي، يجب أن أوجه إليك شكرا أشد حرارة نيابة عن الموضوع. ذلك أنك، حسبما يبدو، قد فهمت فصلي الأخير دون قراءة الفصول السابقة، فلا شك أنك فكرت في الموضوع في قرارة نفسك بنضج وعمق شديد؛ إذ إنني وجدت صعوبة هائلة في أن أجعل حتى أبرع الرجال يفهمون مقصدي. ستلقى آرائي معارضة قوية. وإذا كنت مصيبا في العموم (مع مراعاة وجود بعض الأخطاء الجزئية لم ألحظها بالطبع)، فإن الاعتراف بصحة آرائي سيتوقف على ذوي السمعة الراسخة من أمثالك بأكثر مما يتوقف على كتاباتي نفسها. ومن ثم، بافتراض أنك اعتقدت بصحة آرائي في العموم حين قرأت كتابي، لك مني خالص الشكر والاحترام على استعدادك للمجازفة باحتمالية انخفاض شعبيتك في سبيل الدفاع عن هذه الآراء. لا أعرف إطلاقا ما إذا كان أي شخص سيكتب مراجعة عن الكتاب في أي من الدوريات العلمية. وأنا لا أعرف كيف يمكن لمؤلف أن يستفسر عن شيء كهذا أو يتدخل فيه، لكن إذا كنت راغبا في كتابة مقال عن الكتاب في أي مكان، فأنا متيقن، بناء على الإعجاب الذي لطالما شعرت به وأعربت عنه تجاه كتابك عن «علم وظائف الأعضاء المقارن »، من أن مقالك النقدي سيكون ممتازا، وسيقدم عونا جليلا للقضية التي أظن أنني مهتم بها اهتماما عميقا غير أناني. أشعر بتوعك شديد اليوم، وصحيح أن هذه الرسالة مكتوبة بخط سيئ، وربما يكاد يكون غير مقروء، لكن اعذرني لأنني لم أستطع تفويت البريد دون أن أشكرك على رسالتك. ستواجهك مهمة صعبة في زحزحة السير إتش هولاند عن رأيه ولو قيد أنملة. لا أظن (وأقول هذا سرا بيننا) أن الرجل العظيم لديه معرفة كافية لمعالجة الموضوع.
مع أصدق تحياتي وإخلاصي، صديقك الممتن
سي داروين
نامعلوم صفحہ