چارلس ڈارون: اُن کی زندگی اور خطوط (حصہ اول): چارلس ڈارون کے قلم سے خود نوشت سوانح کے ساتھ
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
اصناف
سفينة «البيجل» ترسو على شاطئ نهر سانتا كروز.
وفي خطاب إلى فوكس (مايو 1831)، يكتب أبي: «إنني مشغول للغاية ... ألتقي كثيرا بهنزلو الذي لا أعرف إن كان حبي أم احترامي له أعظم.» وهو يعبر بدقة عن مشاعره لهذا الرجل الرائع في خطاب قد كتبه إلى المبجل إل بلومفيلد (وكان يدعى حينها بالمبجل إل جينينز) وذلك حين كان الأخير منشغلا في عمله «سيرة البروفيسور هنزلو» (الذي نشر عام 1862.) وقد استخدم الجزء المقصود
2
في أول مقالات الرثاء المنشورة في مجلة «نيتشر»، ويوضح السيد رومينز أن والدي «بينما يصف شخصية أخرى، فإنه، وبنحو لا واع، يقدم أدق وصف لنفسه»:
لقد ذهبت إلى كامبريدج في بداية عام 1828، ومن خلال بعض أصدقاء أخي من المختصين في علم الحشرات، سرعان ما تعرفت إلى البروفيسور هنزلو، الذي كان يشجع جميع المهتمين بأي فرع من فروع التاريخ الطبيعي بالقدر نفسه. ولم يكن هناك ما هو أبسط وأكثر ودا وبعدا عن الادعاء، من التشجيع الذي كان يمنحه لجميع الشباب من المهتمين بالتاريخ الطبيعي. وسرعان ما توطدت علاقتي به؛ إذ كان يتمتع بتلك المقدرة الهائلة في أن يجعل الشباب يتصرفون معه بارتياح، بالرغم من أننا كنا جميعا منبهرين بمقدار معرفته. قبل أن ألتقي به، سمعت أحد الشباب يلخص مؤهلاته بأن قال عنه ببساطة إنه يعرف كل شيء. وحين أفكر في كيف أننا قد شعرنا على الفور بالارتياح مع شخص أكبر سنا منا، وهو يتفوق علينا من جميع الجوانب بدرجة هائلة، أعتقد أن ذلك كان يعود إلى ما كان في طبعه من إخلاص واضح بقدر ما يعود لما يتمتع به من طيبة القلب، وربما يعود على نحو أكبر لافتقاره إلى جميع مظاهر الوعي بالذات؛ فقد كان المرء يدرك على الفور أنه لم يكن يفكر على الإطلاق في معارفه المتنوعة أو ذهنه الحاد، وإنما في الموضوع محل النظر فحسب. ومن محاسنه الأخرى، التي لا بد أنها كانت تبهر الجميع، هو أن سلوكه في التعامل مع الأشخاص المرموقين أو كبار السن لم يكن يختلف على الإطلاق عن سلوكه في التعامل مع الطلاب الصغار؛ فقد كان يتعامل مع الجميع بتلك الدماثة الجذابة نفسها. لقد كان يولي انتباهه إلى أبسط ملاحظة في أي فرع من فروع التاريخ الطبيعي، ومهما ارتكب المرء من خطأ تافه، فإنه كان يشرح له الأمر بوضوح وعطف؛ فما كان لأحد أن يتركه وهو يشعر باليأس، وإنما يصبح حريصا على أن يكون أكثر دقة في المرة القادمة. باختصار، لم يكن هناك من هو أفضل منه في نيل ثقة الشباب وتشجيعهم على ما يسعون إلى تحقيقه.
لقد كانت محاضراته في علم النبات مشهورة على نطاق واسع، وكانت واضحة كضوء النهار. لقد كانت معروفة للغاية حتى إن العديد من الأعضاء الأكبر سنا في الكلية كانوا يحضرون منها دورات دراسية متتابعة. وكان يقيم دعوة مفتوحة إلى منزله في إحدى أمسيات الأسبوع، وكان جميع المهتمين بالتاريخ الطبيعي يحضرون هذه الحفلات، وهي التي من خلال إتاحتها الفرصة للمهتمين بهذا المجال للتواصل فيما بينهم كان لها الفائدة نفسها في كامبريدج، وبطريقة جميلة جدا، التي للتجمعات الخاصة بالجمعيات العلمية في لندن. وفي بعض الأحيان، كان يحضر هذه الحفلات العديد من أكثر أعضاء الجامعة تميزا، وفقط حين لا يكون عدد الحضور كبيرا، فإنني كنت أستمع إلى عظماء الرجال في هذه الأيام، وهم يتحدثون في شتى الموضوعات بقدراتهم المتنوعة والمذهلة. ولم تكن تلك بالفائدة الهينة لبعض الشباب؛ إذ كان ذلك يحفز من نشاطهم الذهني وطموحهم. لقد كان يقوم ببعض الرحلات الاستكشافية مع طلابه في علم النبات، وذلك لمرتين أو ثلاث في كل دورة؛ فكان يأخذهم مثلا في جولة سير طويلة إلى موطن نبات نادر، أو في زورق عبر النهر إلى المستنقعات، أو في عربات إلى بعض الأماكن الأبعد مثل جالمينجاي لرؤية زهرة زنبق الوادي البرية، أو للإمساك في الأراضي البور بعلجوم ناترجاك
natter-jack
النادر. وقد كانت هذه الرحلات تترك في ذهني أثرا ممتعا. لقد كان يصبح مشرق النفس في مثل هذه المناسبات، وكأنه فتى صغير، وكان يضحك من قلبه كفتى صغير على الحظ السيئ لمن كانوا يطاردون الفراشات الخطافية الذيل الجذابة عبر المستنقعات المتكسرة الغادرة. وقد اعتاد أن يتوقف بين الحين والآخر ليشرح شيئا عن نبات ما أو غيره؛ وقد كان يخبرنا بمعلومة عن كل حشرة أو صدفة أو أحفورة نجمعها؛ إذ كان ملما بجميع فروع التاريخ الطبيعي. وبعد أن كنا ننتهي من يوم العمل، كنا نذهب لتناول العشاء في نزل أو منزل، وكلنا مرح وسرور. أعتقد أن جميع من كانوا يشتركون في هذه الرحلات، سيتفقون معي في الرأي أنها تركت انطباعا بهيجا لا ينسى في عقولنا.
وبمرور الوقت في كامبريدج، توطدت علاقتي بالبروفيسور هنزلو، الذي لم يكن لعطفه حدود؛ فقد كان يدعوني إلى منزله باستمرار، ويسمح لي بمرافقته في جولاته. كان يتحدث في جميع المواضيع، ومنها رؤيته للدين، وكان منفتحا تماما. إنني أدين لهذا الرجل الرائع بأكثر مما يمكن أن أعبر عنه ...
وعلى مدى السنوات التي صحبت فيها البروفيسور هنزلو، لم يحدث قط أن رأيت مزاجه قد تكدر ولو لمرة. لم يكن يسيء الظن بطباع أي شخص، بالرغم من أنه لم يكن بالغافل قط عن نواقص الآخرين. وقد كان يدهشني دوما أن عقله لم يكن حتى ليتأثر بأي مشاعر دنيا من الزهو أو الحسد أو الغيرة. ومع كل هذا الهدوء في مزاجه وإحسانه الكبير، فهو لم يكن رجلا خامل الطباع، وأعمى هو من لا يستطيع أن يرى أن هذا السطح الخارجي الهادئ، يخفي تحته عزيمة قوية وثابتة. وحين كان الأمر يتعلق بالمبادئ، فلم يكن لقوة على الأرض أن تجعله يحيد عنها ولو بمقدار شعرة ...
نامعلوم صفحہ