ف : «ولكني أناشدك أن تتحقق من أنك توافق بلا قيد وبلا تردد على ما قلناه من أن الله العلي يحوز أسمى خير.»
ب : «ماذا تقصدين؟»
ف : «ينبغي ألا تتصور أن الله، الذي هو مولى الأشياء جميعا والذي نوقن بأنه يحوز أعلى خير، أنه استمد هذا الخير من خارج ذاته، ولا أنه يحوزه بطبيعته ولكن بطريقة تجعلك تفترض أن الله - الحائز - والسعادة التي يحوزها، هما جوهران مختلفان، فأنت إذا افترضت أنه تلقى الخير من خارج ذاته فإن لك أن تعد المعطي أعلى من الآخذ، بينما نحن قد اتفقنا، بحق، على أن الله هو أسمى الموجودات جميعا، أما إذا افترضت أن الخير صفة طبيعية لله ولكنها شيء منماز منطقيا عنه، فكلما تحدثنا عن الله كمصدر للأشياء فمن ذا الذي يتصور وجود قوة اضطلعت بضم هذه المتمايزات؟
وأخيرا، إذا كان شيء ما منمازا عن شيء آخر فإنه لا يمكن أن يكون هو ذات الشيء الذي ينماز عنه؛ وعليه فإن أي شيء يختلف بطبيعته عن الخير الأسمى لا يمكن أن يكون هو الخير الأسمى، وما كان لنا أن نقول ذلك عن الله الذي لا يعلو عليه شيء مثلما اتفقنا.
إن من الممتنع على أي شيء أن يكون أفضل بطبيعته من ذلك المبدأ الذي صدر عنه، بوسعي أن أخلص من ذلك بمنطقية تامة إلى أن ذلك الذي هو مصدر الأشياء جميعا هو بذاته وبجوهره الخير الأسمى.»
ب : «حق تماما.»
ف : «ولكننا اتفقنا أن الخير الأسمى هو هو السعادة؟»
ب : «نعم.»
ف : «علينا أن نسلم إذن بأن الله هو السعادة المطلقة.»
ب : «إن مقدماتك صادقة لا تقبل الجدل، وهذا الاستنتاج يلزم عنها بالضرورة.»
نامعلوم صفحہ