وبالجملة : من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.
وإنما حداني إلى إملاء ذلك وجمعه أمور :
منها : كثرة محبتي للعلوم الحقيقية ، والمعارف البرهانية ، وشدة رغبتي إلى معرفة الأسرار الدينية ، والرموز الفرقانية ، ومزيد اعتنائي لضبط ما أتحقق به ، وأعتقده من أمر الدين ، وما أعتمد عليه في طريق الحق واليقين.
ومنها : حبي لب المباني ، ومخ الكلم ، وإيثاري الاختصار على فصوص الحكم ، وملالي من الأقوال المختلفة ، والآراء الغير المؤتلفة ، وتطويل المقال بالقيل والقال ، فرأيت أن أنظم الفرائد ، وأرفض الزوائد ، بعد تفريق الخطأ عن الصواب ، وتمييز القشر من اللباب ، وأن أجمع شتاتها ، مهذبا لها تهذيبا ، وأفصلها فصولا وجيزة ، مرتبا لها ترتيبا.
ومنها : تبيان أنها منطبقة على طريقة أهل البيت عليهم السلام ، مقتبسة من أنوارهم وآثارهم ، موزونة بميزان أحاديثهم وأخبارهم ، لئلا يبادر أحد إلى إنكارها ، حسبما قال مولانا الإمام أبو عبد الله ، جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : «كل علم لا (1) يخرج من هذا البيت فهو باطل» (2)، وأشار بيده إلى بيته.
وقال لبعض أصحابه : «إذا أردت العلم الصحيح فخذ عن أهل البيت ، فإنا رويناه ، وأوتينا شرح الحكمة ، وفصل الخطاب ، إن الله اصطفانا وآتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين» (3).
فأردت أن أذكر طرفا مما ورد من الأخبار عن نبينا وعترته الأطهار ،
صفحہ 21