هون عليك يكون ما هو كائن
قاضي القضاء وجفت الأقلام
كم من ضعيف العقل منهتك القوى
ما عنده نقض ولا إبرام
قد مالت الدنيا إليه بسيبها
فعليه من رزق الإله ركام
ومهذب ندب أريب حازم
مرس له فيما يروم مرام
أعيا عليه طلابه فكأنما
فيما يحاوله عليه حرام
شتان بينهما إذا ما قويسا
عجبا لما تأتي به الأيام
ولو لا أن الأمر جار على ما ذكرت وإلا فكيف كان يقدر أن يكون الثالث متقدما على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص الذي عرف الحق بشهادة الرسول فقصد إليه لا تثنيه عنه الحوادث الصادفة ولا تلويه عن سننه الخطوب الصارفة ولا يستوحش من سلوك سبيل الحق وإن انفرد فيه ولا يتهيب مجال الصواب وإن أقفرت مفانيه مستمرا ذلك مع الرسول وبعد وفاته منذر التشبيه إلى حين انقضاء أوقاته والوجه في ذلك أنه كوشف بالأسرار فمضى في جدد مكاشفته ونظر اليقين في أفق بصيرته فمضى على طريقته وهذا أحد الأسباب الذي اقتضى صرف الملك التمام الدنيوي عنه وإبعاده منه لأن الغالب مائل إلى زهرات الدنيا الفانية يخضمها قاصد خضراء بهجاتها يقضمها ولا يهضمها فشرع يحمي بحدود يقينه عنها ويباعد المغرورين منها فوتره الأكثر وهجره الغالب واجتمعت عليه لذلك الكتائب فلم ينقض ذلك سور عزمه في منابذتهم ولا ضعف متن حزمه في محاربتهم فناهدهم بكتائب
صفحہ 30