عود على بدء
عود على بدء
اصناف
فحدثت نفسى أن فى الزوايا خفايا كثيرة، وفى الدنيا أعاجيب لا تنتهي. هذه فتاة يخلب جمالها الألباب. وفى وسعها لوشاءت أن تقطع هذه العزوبة وتتزوج فى أية طبقة.
فما يستطيع أن يقاوم فتنتها من تتصدى له ... فتعرض عن المال والجاه. وتقصر أملها على بستانى فقير، تحذيه شر من الحفى ... فالحق أن الحب أعمى. والحظ أيضا. وماذا ترى أعجبها من هذا البستاني؟ وماذا يروقها من حديثه، أو مجلسه أو حاله على الجملة، حتى تروح تنشد لقاءه، وتنعم به - أيضا فى غفلة من الرقباء؟ وإنه لرجل طيب، ولكن هذا لا يكفى. وقلت لنفسى: «خسارة. خسارة والله».
ويظهر أنى تكلمت بصوت عال، وأن هذا صار عادة لى. فقد سألتنى: «ماذا تقول»؟
قلت: «لاشىء ...».
قالت: «ولكنك كنت تقول شيئا».
قلت: «نعم، كنت آعرب عن أسفى لأن عم أحمد جاءنى بنمل، ولم يجئنى بما هو أجدى وأفعل وأكفل بأن يحمل صاحبنا على الهرب».
قالت، وهى تضع سبابتها على شفتيها: «أظنه اتيا الآن ... ليعودك فإنى أعرف دبة رجله».
قلت: «إذن سأتناوم حتى تنقشع السحابة أو ينحسر ظل الجبل». وغطيت عينى بذراعى.
ولم يخطئ ظنها، فقد كان هو القادم بعينه - أو بطوله وعرضه وكرشه - ولم أره لأنى لم أرفع ذراعى عن عينى ولكنى سمعتة يقول هامسا: «أهو أحسن»؟
وأحسبها هزت رأسها فما سمعت صوتها. فعاد يقول: «عال! الحمد لله. مسكين هذا الولد. عسى أن يصبح بخير ...».
نامعلوم صفحہ