وبعد سكينة نظرت إليه قائلا: «يلوح لي أنك في حاجة فهلا قبلت درهما أو درهمين؟».
فأجاب وقد ظهرت على شفتيه ابتسامة محزنة: «نعم أنا بحاجة ولكن إلى غير المال».
قلت: «وماذا تحتاج؟».
فقال: «أنا بحاجة إلى مأوى ... أنا بحاجة إلى مكان أسند إليه رأسي».
قلت: «خذ مني درهمين، واذهب إلى المنزل، واستأجر غرفة».
فأجاب: «قد ذهبت إلى كل نزل في هذه المدينة، فلم أجد لي مأوى ، وطرقت كل باب، فلم أر لي صديقا، ودخلت كل مطعم، فلم أعط خبزا».
فقلت في نفسي: ما أغربه فتى يتكلم تارة كالفيلسوف، وطورا كالمجنون.
ولكن لم أهمس لفظة «مجنون» في أذن روحي حتى حدق بي شاخصا، ورفع صوته عن ذي قبل، وقال: «نعم أنا مجنون، ومن كان مثلي يرى نفسه غريبا بلا مأوى، وجائعا بلا طعام».
قلت مستدركا مستغفرا: «سامح ظنوني فأنا لا أعرف من أنت، وقد استغربت كلامك، فهلا قبلت دعوتي، وذهبت معي لتصرف الليلة في منزلي؟».
فأجاب: «قد طرقت بابك ألف مرة ولم يفتح لي».
نامعلوم صفحہ