مشى الضراغمة الأسد اللهاميم
هناك إن تسألي تنبي بأن لنا
جرثومة قهرت عز الجراثيم
قال: فغضب هشام وقال له: يا عاض بظر أمه، أعلي تفخر، وإياي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك؟! غطوه في الماء. فغطوه في البركة حتى كادت نفسه تخرج، ثم أمر بإخراجه وهو يشر، ونفاه من وقته، فأخرج من الرصافة منفيا إلى الحجاز، قال: وكان مبتلى بالعصبية للعجم والفخر بهم، فكان لا يزال محروما مطرودا.
ولما كان شأن الخلفاء الأمويين شأن سائر العرب في التعصب على الموالي حتى كانوا يستعملونهم في الحروب مشاة ولا يعطونهم شيئا من الغنائم والفيء، نفرت نفوسهم منهم، وأصبح سلطانهم بغيضا إليهم، وصاروا عونا لكل من خلع الطاعة، أو طلب الخلافة من العلويين أو الخوارج.
ولقد كان العباسيون يدركون هذا الشعور في الموالي فاستغلوه خير استغلال؛ إذ اتخذوا جلة المبشرين بدعوتهم منهم، واعتمدوا كل الاعتماد عليهم، ورأى الموالي في الدعوة الجديدة شفاء لما في صدورهم من حقد على بني أمية خاصة، وعلى العرب عامة، فأخلصوا للدعوة الجديدة، وبذلوا في تحقيقها كل ما يملكون من نفوس وأموال.
على أن لهذا الموضوع نواحي متشعبة يحول دون التحدث فيها ما رسمناه لأنفسنا من التزام القصد والإيجاز.
الفصل الثالث
الدعوة العباسية
(1) توطئة
نامعلوم صفحہ