من ناصح لك لا يريد خداعا
بضع الفتاه بألف ألف كامل
وتبيت سادات الجنود جياعا
لو
1
لأبي حفص أقول مقالتي
وأبث ما سأبثكم لارتاعا
صدق الشاعر في قوله؛ إن تلك الحال ليرتاع منها عمر حقا، وليفرق من ذكرها أبو بكر، ويلتاع من سماعها علي، ولكن الحال تغيرت إلى مدى بعيد، حتى أصبح المال غرضا تشرئب لحيازته الأعناق، وتنزع نحو تملكه النفوس، إلى أن رأينا فيما بعد أن الحجاج بن يوسف لما حاصر الكعبة وفيها ابن الزبير، وتردد جنده في ضربها بالمنجنيق؛ جاء بكرسي وجلس عليه وقال: «يا أهل الشام، قاتلوا على أعطيات عبد الملك»؛ ففعلوا.
ذلك هو أثر المال في الأخلاق والأحوال والنفوس طبقا للتغيرات الاجتماعية.
ولنحاول فيما سنعقده من الفصول الآتية تبيان حال الدولة العربية أيام عثمان، وكيف وصل الأمر إلى معاوية، وكيف خرج الملك من بني أمية حتى وصل إلى بني العباس، ولنحاول بعد هذه التقدمة دراسة الحياة الأدبية إلى جانب دراستنا السياسية الاجتماعية؛ فإن ذلك ينفعنا كثيرا فيما نرومه من التكلم ببسطة في القول وتصوير صحيح لعصر المأمون الذهبي، ولا سيما الحياة الأدبية والعلمية فيه، ملاحظين في ذلك كله جانب القصد والإيجاز، مارين سراعا على جل الحوادث الكبار في ذاتها، والتي لا تعنينا كثيرا في موضوعنا - مثل عصر معاوية - مما نرجو أن نوفق في المستقبل القريب فنكتب عنه وعما فيه من أسرار وثورات. (2) نظام الحكم في عهد الصحابة
نامعلوم صفحہ