ولقد أدرك كانت ذاته أن ما نسميه «عقليا» في أي ميدان هو ما نتصوره مشتركا بيننا وبين آخرين مثلنا؛ فنحن لا نتصور أنفسنا عمليا على أننا نشتغل وحدنا، ولا ننظر إلى معاييرنا على أنها مقتصرة علينا. وبالاختصار، ففي كل مهمة نضطلع بها، سواء أكانت شيئا نسميه فعلا أخلاقيا أو بحثا عمليا، ننظر إلى أنفسنا على أننا مقيدون بمعايير «موضوعية» أو مشتركة بين الأشخاص، يلتزم بها الآخرون مثلما نلتزم نحن بها. ولو لم نفترض أن الآخرين موجودون مثلنا، لما استطعنا الحديث عن معايير موضوعية على الإطلاق. ولو لم نفترض أن ثمة مجتمعا من الكائنات المماثلة لنا والراغبة في الالتزام بهذه المعايير، لما استطعنا القول بأن أي كائن عاقل ملزم بالاعتراف بهذه المعايير. فما قيمة الحديث عن «الحقوق» و«الواجبات»، بل ما قيمة الحديث على إطلاقه، إن لم أكن أفترض أن عالمي عالم مشترك للفعل، يندمج فيه آخرون مثلي، وذلك لأسباب مماثلة لأسباب؟ وهكذا فرغم أن أحدا غيري لا يستطيع القيام بدلا مني بعملية التأكيد الخاصة بي (
my position )، فما زلت مضطرا إلى النظر إلى القواعد التي أختار بها أن أحيا على أنها قواعد مشتركة بين الأشخاص أو الذوات.
لا مفر لأحد، إذن، من أن ينظر إلى عالمه على أنه عالم اجتماعي، وإلى أناه على أنه ينتمي إلى مجتمع من «الأنوات
egos » أوسع نطاقا. وربما لم يكن هذا «معطى» كاللون الأصفر أو طعم الثوم، ولكنه مع ذلك وجه ضروري لتفكيرنا وفعلنا بوصفنا موجودات اجتماعية، فلو نحينا جانبا كل الادعاءات، لقلنا إذن إن ما نسميه بالعالم المشترك هو كثرة من «الأنوات»، أو ينطوي على الأنوات من أمثالنا، وهي كثرة تصدر تأكيدات مشتركة، وتعد نفسها مسئولة عن قواعد مشتركة للفكر والعمل. وليس هناك، من وجهة نظر فشته، سوى خطوة واحدة بين هذا القول وبين افتراض «أنا أعظم» يريد هذا العالم المشترك وهذه الحياة المشتركة من خلالنا. ولا شك في أننا لسنا ملزمين بأن نخطو هذه الخطوة، ولكن كثيرا من الناس في جميع العصور قد خطوها. وهي في رأيهم ضرورية لإضفاء الحقيقة على المبادئ المشتركة التي نجد أنفسنا مسئولين عنها.
والنص التالي مختار من الأقسام الثلاثة الأولى من كتاب فشته: «مبادئ النظرية العامة في العلم».
2 ⋆ (النص)
القسم الأول : المبدأ الأول الأساسي غير المشروط على الإطلاق.
علينا أن نبحث عن المبدأ المطلق الأول، والأساسي غير المشروط على أي نحو، للمعرفة البشرية. ولكي يكون هذا مبدأ أول مطلقا، فلا يمكن أن يقبل البرهنة عليه أو تحديده.
هذا المبدأ ينبغي أن يعبر عن ذلك الفعل
Thathandlung
نامعلوم صفحہ