توفي سيف الدين غازي 38 بن قطب الدين مودود بن زنكي صاحب الموصل والديار الجزرية، وكان مرضه السل وطال مرضه ثم ادركه برسام 39 في آخر الامر فمات وعمره يومئذ نحو ثلاثين سنة، وكانت ولايته عشر سنين ونحو ثلاثة اشهر وكان حسن الصورة مليح الشباب تام القامة ابيض اللون، وكان عاقلا وقورا قليل الالتفات اذا ركب واذا جلس، عفيفا لم يذكر عنه ما ينافي العفة وكان غيورا شديد الغيرة (لا يدخل دوره غير الخدم الصغار واذا كبر احدهم منعه من الدخول، وكان) 40 لا يحب سفك الدماء ولا اخذ الاموال على شح فيه وجبن ولما اشتد مرضه أراد ان يعهد بالملك لابنه معز الدين سنجر 41 شاه وكان عمره يومئذ اثنتي عشرة سنة، فخاف على الدولة من ذلك 42 وامتنع اخوه عز الدين مسعود بن مودود من الاذعان لذلك والاجابة اليه فاشار عليه الامراء الاكابر 43 بأن يجعل الملك لاخيه عز الدين مسعود لما هو عليه من الشجاعة والعقل وقوة النفس وكبر السن، وكان يعطي ابنيه بعض البلاد، ففعل ذلك وجعل الملك في اخيه، واعطى لولده سنجر شاه وهو الاكبر جزيرة ابن عمر 44 وقلاعها، واعطى لولده كنك 45 وهو الاصغر عقر الحميدية 46.فلما توفي ملك بعده اخوه عز الدين الموصل والبلاد. وكان المدبر للدولة مجاهد الدين قايماز وهو الحاكم في الجميع فاستقرت الامور ولم يختلف اثنان. 47 وفي هذه السنة سار يوسف 48 بن عبد المؤمن الى افريقية وملك قفصة. 49
وفي هذه السنة توفي شمس الدولة تورانشاه 50 بن ايوب أخو صلاح الدين الاكبر، وكانت الاسكندرية 91 / ب/اقطاعه فتوفي بها وكان له اكثر بلاد 51 اليمن ونوابه يحملون الاموال اليه من زبيد 52 وعدن، وما بينهما من البلاد والمعاقل وكان اجود الناس واسخاهم كفا، وكان يخرج كلما يصل 53 اليه من الاموال من اليمن والاسكندرية، وحكمه نافذ في بلاد اخيه وفي امواله. فلما مات شمس الدولة وصل صلاح الدين من الشام الى مصر واستخلف بالشام ابن اخيه فرخشاه بن شاهنشاه ابن ايوب، وكان حازما عاقلا شجاعا.
وظهر على شمس الدولة من الدين مائتا الف دينار مصرية فقضاها عنه اخوه صلاح الدين.
صفحہ 181