ولما توفي صلاح الدين ملك 77 ولده الافضل نور الدين على دمشق والساحل والبيت المقدس وبعلبك وصرخد 78 وبصرى 79 وبانياس، وهونين 80 وتبنين 81 وجميع الاعمال الى الداروم 82، واستولى ولده العزيز عثمان على مصر واعمالها واستقر ملكه عليها، واستولى ولده الظاهر غازي على حلب واعمالها، مثل حارم 83 وتل باشر 84 واعزاز 85 ومنبج وغير ذلك. وكان اخوه الملك العادل بالكرك ومحمد 86 بن تقي الدين بحماة، وشيركوه بن محمد بن شيركوه بحمص ، فكتب الملك الافضل الى عمه الملك العادل يستدعيه اليه فوعده ولم يفعل. فكتب اليه يتهدده ويقول له ان لم تصل الي الى دمشق والا كتبت الى أخي العزيز بمصر وحالفته فحينئذ وصل اليه الملك العادل الى دمشق. فجهز الافضل معه جيشا وكتب الى اخيه الملك الظاهر صاحب حلب، والى صاحب حمص، والى صاحب حماة، يحثهم على انفاذ العساكر مع عمه العادل الى البلاد الجزرية ليمنعها من صاحب الموصل ويخوفهم ان هم لم يفعلوا فاتفقت كلمتهم على تسيير العساكر معه فجهزوا عساكرهم وسيروها الى العساكر 87 ولما بلغ عز الدين اتابك مسعود 88 بن مودود بن زنكي صاحب الموصل وفاة صلاح الدين سار عن الموصل الى نصيبين واجتمع هو واخوه عماد الدين بها وساروا على سنجار نحو الرها، وكان العادل قد عسكر قريبا منها 89 فخافهم خوفا عظيما ومرض عز الدين بالاسهال فضعف عن الحركة فخاف الهلاك. فترك العساكر مع اخيه عماد الدين وعاد في مائتي فارس وعاد معه مجاهد الدين فدخل الموصل اول شهر رجب ولم يزل مريضا الى ان توفي في يوم التاسع 90 والعشرين من شهر شعبان بعد أن اقام اكثر من عشرة ايام، لا يتكلم الا بالشهادتين وتلاوة القرآن واذا تكلم بشيىء من الكلام استغفر الله ثم عاد الى ما كان عليه. وكانت 91 وفاته بالموصل ودفن بالمدرسة التي انشأها قبالة دار المملكة، وكان حليما كريما كثير الخير والاحسان. وكان كثير الحياء لم يكلم جليسا له الا وهو مطرق، وما قال في شيىء سئله الاحياء 92 وكرم طبع، وكان قد حج ولبس بمكة خرقة التصوف فكان يلبس تلك الخرقة كل ليلة. ويخرج الى مسجد قد بناه في داره ويصلي فيه نحو ثلث الليل وكان شفيقا على الرعية رؤفا 93 بهم.
صفحہ 223