ولكن الحكاية لم تنته بعد.
لم يمر على زواج عبد الحميد عام وبعض عام حتى جاءني: لن تصدق! - ماذا؟ - زوجتي الأولى. - ما لها؟ - ماتت. - كيف؟ - مسكينة. ماتت لأن زوجها رفض أن يأتي لها بطبيب. - زوجها! - نعم؛ فقد تزوجت الفتى الذي كانت تعرفه. - إذن. - مسكينة. يرحمها الله.
وانحدرت من عينه دمعتان؛ فهو وفي غاية الوفاء حتى لمن لم يف له. في هذه الحكاية انقلبت الحياة إلى قصاص ميلودرامي، الحكمة عنده يقولها بصوت جهير حتى لا تحتاج مني إلى توضيح. ومع ذلك لو كنت أنا الذي ألفت هذه القصة لما نجوت منك، ولظللت تقول ما لهذا الكاتب أصبح ساذجا لا يعرف حتى كيف يروي قصته في فنية أو بعض إتقان؛ لهذا تركت الحياة تقدمها إليك لم أتدخل أنا، وهل ترى أني أستطيع أن أتدخل؟
حواديت
كل سلام عندهم حرب
أعرفهم. وشاء قدري أن أعرف خبيء حياتهم. وجميعهم يدين بغير الله، ويصرف ولاءه لغير الوطن. ولكل منهم متجه في الحياة ومنحى. ولكل منهم نحلة أو مهنة تختلف عن مهنة الآخر أو نحلته. ولست أدري كيف تتابعوا إلى ذهني يشد كل منهم الآخر إلى تفكيري، ويقف أمامي فأرى عجبا.
وأنا اليوم أحاول أن أقدم بين يديك هذا العجب، فلا أدري أأذكره بادئا أم أذكره منتهيا، أم لا أذكره مطلقا، وأتركك تصل إليه وحدك وأنا واثق أنك بهذا خليق.
ولكن هذه الصورة التي لا أدري ما الذي جعلني أحاول أن أرسمها لك نوع من الكتابة يجمع بعض ملامح القصة وبعض ملامح من المقالة. وإذا أنا قدمت لك هذه الصور التي أريد أن أقدمها لك اليوم، ولم أكشف لك عما جعلها تتتابع إلى ذهني ممسكا بعضها برقاب بعض، أكون قد جنحت بقلمي إلى الشكل القصصي الذي يشير ولا يصرح، ويومض ولا يكشف، ويهمس في خفاء ولا يجاهر في علن.
وأنا أحب - ولا أدري لماذا - أن أحتفظ لهذه الصور بطابعها هذا الذي لا يجعل منها قصة ولا يجعل منها مقالة. دعني أعرض عليك هذه الأشكال. •
أما الأول فقد كان جده يعمل في بيت، وكان أهل البيت يعتبرونه واحدا منهم، حتى إن الأبناء كانوا لا ينادونه باسمه إلا إذا سبقوه بكلمة عم. وظل هذا حالهم وحاله حتى كبر الأبناء وتزوجوا فكانوا يزدادون له احتراما وتوقيرا كلما مرت بهم السنون وعلت بهم السن.
نامعلوم صفحہ