وإن كانوا يحتجون بالحرية فإن أحدا لا يمنعهم أن يصنعوا بشعورهم وملابسهم ومظهرهم ما يشاءون، ولكن ما داموا يرون أنهم مارسوا حريتهم بهذا القدر فليسمحوا لنا أن نقول نحن أيضا رأينا مستعملين حقنا في الحرية نفسها.
إنكم تثيرون القرف والاشمئزاز والتقزز وإن كان هذا ما سعيتم إليه فبشراكم قد بلغتم من الدنيا مناكم وبئست المنى.
وهنيئا لكم زمنكم الأجرب الذي اغتال الزعيم الوحيد الذي حقق نصرا للعرب في العصر الحديث، وبأيدي أقوام يدعون حرصهم على دين العرب.
وعلم الله ما دعاهم إلى القتل إلا التكالب على الفانية وليس النظر إلى الباقية، والحرص على الدنيا والرفض للعليا، والسعي إلى المنصب والرئاسة والتحكم في عباد الله بما لا يرضي الله.
وهنيئا لكم زمنكم الأجرب الذي سمح لهنات الناس وبغاثهم أن يهاجموا الأثمة الشم الذين أدوا رسالاتهم أكرم ما تؤدى الرسالة وأوفى ما يكون القيام بالأمانة.
فهذا عميد الأدب العربي الذي تخرج الأدب الحديث على يديه «طه حسين» يواجه حملة ضارية من المجاهيل الضائعين يريدون هدم مجده ونسف ركنه ومحو الشامخ من بنائه. ويصيح بهم الحق أن ما سطره التاريخ لا يمحوه الصغار ولا حتى الكبار.
وهذا شاعر الأجيال الحديثة جميعها «شوقي» يعتدي على عرشه الهوف والحمقى ومدعو الشعر، يريدون أن ينزلوه عنه ويجذبوه من قمته التي لم يقتعدها شاعر قبله ولا شاعر بعده هناك في ذؤابة الشعر العربي كله. ووسيلتهم إلى ذلك كلام لا هو من الشعر ولا هو من النثر، ولا هو شكل ولا هو معنى. وإنما ترجح بين السقم والضحالة، وبين العي والفهامة، وبين العجمى والفصحى، وبين العربية باللفظ والغربية بالفكر والانتماء.
زمان أجرب اتخذ الملبس الأجرب لقيم جرباء ولفظ أكثر جربا.
الفن فيه صوت لا يؤدي معنى، ونغم ناشز، وصخب في غير حلاوة، وضجة في غير طرب.
يقول المغني الهذاء والسخف والألفاظ التي لا تركب جملة، والحروف التي لا تكون لفظا فتنسكب عليه أموال الإعجاب ويصبح اسمه علما على عصره ... وقد وافق شن طبقة، وتلاءم غناؤه وتفاهة الزمن، وتواكبا واصطحبا، واشتهر غليظ الصوت بجمال النغمة، وأصبحت الحشرجة طربا والقبح حسنا والخرف فنا.
نامعلوم صفحہ