کسل مصفیٰ
العسل المصفى من تهذيب زين الفتى في شرح سورة هل أتى - الجزء1
اصناف
الفصل الرابع: في ذكر نظم هذه السورة وتلفيق آياتها وخصائصها
وأما الذي وعدناه من ذكر نظم هذه السورة بعد ذكر فوائدها فهو أحق ما نفتتح به بعد الفراغ من ذكر الفوائد، وإن كنا قد أوردنا لنظم آيات القرآن كتابا عنوناه بكتاب «المباني لنظم المعاني» وبينا [هناك] مقدمات الكلام في هذا الفن التي لا يسع لمن يتكلم في القرآن الإغفال عنها إذ لا بد له منها، ولا يمكننا (1) ذكرها جميعا في هذا الكتاب، لأنا أسسناه في غير ذلك الباب، إلا أنا ذكرنا [هاهنا] طرفا من ذكر النظم، ومن أراد الزيادة عليه فقد هديته إليه، وقد قيل: أنجز حر ما وعد.
وأقول: لما قال الله سبحانه في آخر سورة القيامة [المتقدمة على سورة هل أتى ] بعد ذكر دلائل البعث والنشور: أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى بلفظ الاستفهام على معنى الإثبات، وإن كان مقارنا بالجحد، وتأويله:
أن الذي فعل ذلك من تحويل/ 118/ النطفة علقة وتحويل العلقة مضغة و[تحويل] المضغة عظاما، هو قادر على أن يحيي الموتى كما قال: وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده [27/ الروم: 30] وهذا كما يقال: أليس زيد قائما؟ ويراد بذلك زيد قائم. قال الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راح
يريد أنتم خير من ركب المطايا.
وقال الله تعالى: أليس الله بأعلم بالشاكرين [53/ الأنعام: 6] وقال:
أليس الله بأحكم الحاكمين [8/ التين: 95] يريد- والله أعلم-: أن الله أعلم بالشاكرين [وأنه تعالى أحكم الحاكمين]، فلما كان ذلك بلفظ الاستفهام فأتبعه بدليل آخر يدل عليه فقال: هل أتى على الإنسان حين من الدهر ، فابتدأ السورة بلفظ «هل» وهي أيضا حرف الاستفهام ليتلافقا ويتشاكلا ويتوافقا، إلا
صفحہ 102