وروي عن الأعمش الرفع في الثانية، وذلك جائز إذا لم تنونها فإن نونتها فسدت، ألا تراهم لم يختلفوا في قوله تعالى: صرح ممرد من قوارير [44/ النمل: 27] بالفتح، ولو جاز أن ينون المرفوعة لنونت المجرورة والمرفوعة على إضمار «هي قوارير من فضة» وذلك جائز في العربية/ 93/ ولم يسمع بها في القراءة إلا في هذا الحديث عن الأعمش.
وقال أبو حاتم: في تنوين قوارير و سلاسل قول النحويين بكل بلد على أن فواعيل وفعالل وفعاليل عند العرب أجمعين وعند غيرهم منونة إلا في الشعر.
وقال الزجاج: الأجود في العربية أن لا يصرف سلاسل ولكن جعلت رأس اية فلذلك صرفت ليكون أواخر الاي على لفظ واحدة.
وأما «قواريرا قواريرا» و«قوارير قوارير» غير مصروفة وهو الاختيار عند النحويين فإن كل جمع يأتي بعد ألفه حرفان لا ينصرف، فمن قرأ قواريرا فصرف الأول فلأنه رأس اية ويدع صرف الثاني لأنه ليس برأس اية.
ومن صرف الثاني أتبع اللفظ كما قالوا: «جحر ضب خرب» فإنما خرب من نعت الجحر فكيف بما ترك صرفه.
وقال الفراء: أهل الكوفة وأهل المدينة يثبتون الألف فيهما جميعا، وكأنهم استوحشوا أن يكون حرف واحد في معنى نصب بكتابتين مختلفتين، فإن شئت أجزتهما جميعا وإن شئت لم تجز، وإن شئت أجزت الأولى لمكان الألف في مصحف [أهل] البصرة ولم تجز الثانية إذ لم يكن فيها الألف وليست برأس اية.
وقال الفراء: أختار الإجزاء فيهما.
فإن قيل: كيف قال: يشربون من كأس والكأس لا يشرب؟
قلنا/ 94/: أراد يشربون الخمر من كأس فحذف ذكر الخمر لتعارفه ودلالة الكأس عليها، وهذا مثل قوله تعالى: وسئل القرية يريد أهل القرية [أ] ويريد أهل المدينة، وتسمى الخمر [كأسا] كسائر تسميتهم الشيء باسم سببه.
وقد روى عن ابن عباس والضحاك وعامة ذوى التفسير أنهم قالوا: الكأس في جميع القرآن يعني بها الخمر.
صفحہ 83