سألها البك: «هل أنت متأكدة من أنك تريدين ذلك؟ فتلك الخطوة تعرضك لخطر الهجوم.»
فهزت رأسها.
تابع قائلا وهو يحرك القطع الخاصة به على نحو افتراضي نحوها: «انظري، إذا حصلت على اثنين أو أربعة فسوف أصطدم بك.» «إنني متأكدة.»
هز البك كتفيه، ثم التقط زهري النرد وألقى بهما: ثلاثة-خمسة.
فقال وهو يتناول الرشفة الأخيرة من الشاي: «حسنا، أعترف أنني أخطأت.»
بنهاية الدور الأول من اللعب كان يعقوب يغط في نومه، وهي تذكرة لطيفة متذمرة بأن الوقت قد تأخر، ولكن رغم ذلك فقد أنهيا اللعبة التي ربحتها إلينورا، ثم ربحت لعبة أخرى قبل أن تقرر أن موعد النوم قد حان.
صعدت إلينورا متثاقلة على ضوء مصباح زيتي إلى غرفتها، تلك الغرفة التي ستكون عليها مغادرتها قريبا. في غضون أقل من ثماني وأربعين ساعة سوف تودع هذا المنزل والبك والمدينة بأكملها. وإلام تتجه؟ رحلة بحرية عودة إلى المنزل والكدح المضجر للحياة في كونستانتسا. وعندما تخطت العتبة، لاحظت أن إحدى النوافذ في غرفتها مفتوحة. هب عليها نسيم معتم جعل المصباح يصدر حفيفا، فاقشعر بدنها. وعندما استدارت كي تغلق الباب خلفها، هب طائر من أحد أعمدة الفراش وحط على حافة النافذة. كان أحد أفراد سربها، ويبدو أنه كان يريد شيئا ما. وضعت إلينورا المصباح على عمود السرير، وعبرت الغرفة إلى الجانب الآخر، ثم جثت على ركبتيها أمام حافة النافذة، متكئة بذقنها على ذراعيها. كان الهدهد قد أحضر معه برعم كرز معظمه أخضر اللون، به بتلات بيضاء ظاهرة في أعلاه. وبدلا من أن يطير مبتعدا، نظر إليها مباشرة وهو ينفض الريش المخطط باللونين الأرجواني والأبيض في تاجه.
التقطت برعم الكرز ووضعته عند أنفها.
ثم تساءلت بصوت عال: «لم لا يمكننا البقاء في إسطنبول؟»
عندما سمع الهدهد صوتها، أمال رأسه إلى الجانب كما لو كان يرغب في الاستماع إليها بمزيد من الاهتمام. ألقت إلينورا نظرة على المدينة الغارقة في الضباب، التي تلمع كما لو كانت مجموعة شاردة من النجوم وقعت في شرك المضيق المظلم. وعندما أخذت نفسا عميقا كي تتحدث، غرقت المدينة في صمت مترقب، وأبطأت الأرض من دورانها. «أتمنى لو أبقى، أتمنى لو أبقى في إسطنبول إلى لأبد.»
نامعلوم صفحہ