کارل بوبر: سو برس کی روشن خیالی
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
اصناف
يمكننا القول إن تبني مذهب التفاعل يمثل حلا لمشكلة الدماغ-العقل. ومثل هذا الحل ينبغي أن يدعمه تناول نقدي للآراء الأخرى ولمختلف الاعتراضات على مذهب التفاعل. يمكن أن نصف مذهب التفاعل على أنه نوع من برامج البحث، فهو يفتح الكثير من الأسئلة المفصلة، وسيتطلب الرد عليها الكثير من النظريات المفصلة.
يقال أحيانا أن حل مشكلة الدماغ-العقل يقتضي أن يجعل التفاعل بين أشياء متباينة، كالحالات والأحداث الجسمية ... والحالات والأحداث العقلية، أمرا مفهوما.
وبينا أوافق على أن المهمة الرئيسية للعلم هي أن يعزز فهمنا للأشياء ، فإنني أعتقد أيضا أن الوصول إلى الفهم الكامل، شأنه بالضبط شأن الوصول إلى المعرفة الكاملة، هو أمر يبقى إلى الأبد بعيد الاحتمال. وفضلا عن ذلك، فإن الفهم قد يكون خادعا. لقد وقر في عقلنا قرونا ما بدا لنا فهما كاملا لآليات عمل الساعة، حيث أسنان التروس يدفع بعضها بعضا إلى الأمام، ثم تبين أن هذا فهم شديد السطحية، وأن دفع جسم مادي لجسم آخر إنما يفسر بواسطة التنافر فيما بين أغلفة الإلكترونات السالبة الشحنة الخاصة بذرات هذين الجسمين. على أن هذا التفسير وهذا الفهم هو أيضا سطحي، كما تبين واقعتا الالتصاق والتماسك. هكذا يتبين أن الفهم النهائي ليس بالأمر اليسير حتى فيما يبدو أنه الجزء الأكثر بداءة من العلم الفيزيائي. وحين ننتقل إلى التفاعل بين الضوء والمادة فنحن ندخل في منطقة من المعرفة تركت واحدا من أعظم الرواد في هذا المجال، نيلز بور، في حيرة شديدة لدرجة أنه قال إنه في نظرية الكوانتم علينا أن نتخلى عن الأمل في فهم موضوعنا. ولكن رغم أنه يبدو أن علينا التخلي عن مثال الفهم الكامل، فإن وصفا تفصيليا قد يفضي بنا إلى فهم جزئي ما.
هكذا فإن فهما من قبيل ما توهمنا يوما أننا نحوزه في أمر الدفع الميكانيكي هو غير متوافر حتى في الفيزياء، وما يكون لنا أن نتوقعه في أمر تفاعل الدماغ- العقل، وإن كان مزيد من المعرفة المدققة عن عمل الدماغ قد يمنحنا ذلك الفهم الجزئي الذي يبدو أنه يمكن تحقيقه في العلم.
لقد تحدثت في هذا القسم عن الحالات الجسمية والحالات العقلية، غير أني أرى أن المشكلات التي نحن بصددها يمكن أن نجعلها أكثر وضوحا بكثير إذا نحن أدخلنا قسمة ثلاثية. أولا: هناك العالم الفيزيائي - عالم الكيانات الفيزيائية - الذي أشرت إليه في بداية هذا القسم، هذا سوف أسميه «العالم 1».
22
ثانيا: هناك عالم الحالات العقلية، شاملة حالات الوعي والميول النفسية وحالات اللاوعي. هذا سوف أسميها «العالم 2». ولكن هناك بعد عالما ثالثا: عالم محتويات الفكر ومنتجات العقل البشري في الحقيقة، هذا سوف أسميه «العالم 3».
23 •••
هذا ببساطة هي العوالم الثلاثة التي يقول بها بوبر ويقسم إليها الوجود: (1)
العالم 1: العالم الفيزيائي. الأجسام والحالات والأحداث الفيزيائي، القوى ومجالات القوى ... إلخ. (2)
نامعلوم صفحہ