Care of Islam for Human Health
عناية الإسلام بصحة الإنسان
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٤٠ هـ
اشاعت کا سال
٢٠١٩ م
اصناف
المقدمة
الحمد للَّه رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين، .. وبعد
فإن الإسلام وهو الدين الذي بعث اللَّه به رسوله محمدًا ﷺ هو ما اشتمل عليه الوحيان، كتاب اللَّه وسنة رسوله ﷺ، وإن لهذا الدين العظيم من الفضائل ما لا يُحصى كثرةً، فهو الدين الشامل لعموم مناحي الحياة، ومن ذلك الطب وصحة الإنسان، قال تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨].
وقال في وصف رسوله ﷺ: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧].
قال أبو ذر ﵁: لقد تركنا رسول اللَّه ﷺ وما يتقلب في السماء طائر إلا ذكر لنا منه علمًا (^١).
وعن سلمان الفارسي ﵁ أنه قيل له: قد علمكم نبيكم ﷺ
_________
(^١) مسند الإمام أحمد (٣٥/ ٣٤٦) برقم ٢١٤٣٩، وقال محققوه: حديث حسن.
1 / 5
كل شيء حتى الخراءة، قال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم (^١).
أما الطب وصحة الإنسان، فقد أولاهما الإسلام عناية فائقة كما سنذكره في ثنايا هذه الرسالة، وما ذلك إلا أن صحة الإنسان وسيلة إلى صحة عقله، وبالتالي سلامة دينه واكتماله.
ولذلك قال بعض أهل العلم: إن العناية بصحة الإنسان هي المرتبة الثانية بعد سلامة الدين، وضربوا لذلك مثلًا بأن الروح في البدن كالناس في السكن، فما دام أن السكن صالح، فإن أهله فيه، فإذا دخله الخراب وبدأ يتهدم خرج أهله منه، فكذلك الروح في البدن، وقد قال النبي ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» (^٢).
ولأن من شرائع الإسلام العظيمة ما لا يمكن القيام به إلا بصحة البدن، كالخلافة، والإمارة، والصلاة (^٣)، والحج، والجهاد ... وغيرها.
وإن مما يجدر التنبيه عليه، أن تلف البدن والإخلال بصحته سبب للأمراض والعاهات التي ترد عليه، وإن كان ذلك مما قدر
_________
(^١) صحيح مسلم برقم ٢٦٢.
(^٢) جزء من حديث في صحيح مسلم برقم ٢٦٦٤.
(^٣) لأن القيام للصلاة أحد أركانها للمستطيع.
1 / 6
اللَّه على العبد، فإنه من حيث السبب ينقسم إلى قسمين؛ الأول: ما لا سبب للعبد فيه، وهذا إن رضي العبد به، وآمن بقضاء ربه، نال الأجر كاملًا، وسلم من الإثم، الثاني: ما كان سببه من العبد نفسه، وذلك بتركه الأسباب المشروعة فعلًا أو تركًا، فيخشى على من هذه حاله أن يكون آثمًا مستحقًّا للعقوبة.
فالمتهور أثناء قيادة السيارة إذا حدث له حادث مات به خُشيَ عليه أن يكون قاتلًا لنفسه، والمسرف في الطعام إذا أُصيب بالأمراض يُخشى عليه من الإثم لإضراره ببدنه، ولما يترتب على ذلك من تقصير في الواجبات، ولربما يتعدى الضرر والتقصير إلى من حوله.
وإننا في هذه الرسالة نأمل أن نوفق في جمع ما تيسر في هذا الباب مما له علاقة مباشرة وقوية من النصوص الشرعية على سبيل الاختصار، وذلك ببيان شيء من محاسن الدين الإسلامي التي لا تحصى محاسنه وفضائله مع إعلامنا كل من يطلع على هذه الرسالة، أنها ليست رسالة في الطب بما يقتضيه معنى هذه الكلمة، وإنما المقصود ما ذكرناه سالفًا وهو واضح من عنوانها هذا، وقد تم تقسيمها إلى مقدمة وبابين وخاتمة.
الباب الأول: الأدوية الإلهية وهي الأدعية والرقى والأذكار والصدقات وغيرها من الأعمال الصالحة، ويشتمل على فصلين:
1 / 7
الفصل الأول: ما يحفظ به الصحة ويدفع به الداء قبل وقوعه.
الفصل الثاني: مايحفظ به الصحة ويدفع به الداء بعد وقوعه.
الباب الثاني: الأدوية المادية ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: ما يحفظ به الصحة ويدفع به الداء قبل وقوعه.
الفصل الثاني: ما يدفع به الداء بعد وقوعه.
أما الخاتمة ففيها أهم ما تشتمل عليه هذه الرسالة.
... المؤلفان
أمين بن عبد الله الشقاوي
وعبد الرحيم بن حسين المالكي
1 / 8
الباب الأول
الأدوية الإلهية
وهي الأدعية والأذكار والرقى والصدقات وغيرها من الأعمال الصالحة.
قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: ٨٢]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)﴾ [يونس: ٥٧]، وقال تعالى عن عبده أيوب وقد أصيب من البلاء ما لا يعلم عظمه إلا اللَّه، ومكث فيه ثماني عشرة سنة (^١)، قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (٨٤)﴾ [الأنبياء: ٨٣ - ٨٤].
وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس ﵄: أن نفرًا من أصحاب النبي ﷺ مروا بماء فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال: هل فيكم من راق، إن
_________
(^١) راجع كتاب الدرر المنتقاة للمؤلف أمين الشقاوي (١/ ٥٢٩).
1 / 9
في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء (^١)، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب اللَّه أجرًا، حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول اللَّه! أخذ على كتاب اللَّه أجرًا، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» (^٢).
_________
(^١) شاء جمع شاه، والمقصود جمع من الغنم أجرة له.
(^٢) برقم ٥٧٣٧
1 / 10
الفصل الأول
ما يحفظ به الصحة ويدفع به الداء قبل وقوعه
روى البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: «دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ» (^١).
قال ابن القيم ﵀: «فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل من كافر، فإن اللَّه تعالى يدفع بها عنه أنواعًا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه» (^٢).
وروى الترمذي في سننه من حديث أبي أمامة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ،
_________
(^١) جزء من حديث برقم ٣٢٧٨، وقال الشيخ الألباني ﵀ كما في تعليقه على صحيح الترغيب والترهيب (١/ ٤٥٨): قلت: مع إرساله حسن الإسناد، وما أشار إليه من الروايات عن الجماعة لا تخلو من ضعف بعضه شديد، وقد خرجت طائفة منها في الضعيفة (٢٥٧٥، و٣٤٩٢، و٦١٦٢) وهي على اختلاف ألفاظها قد اتفقت على جملة المداواة هذه ولذلك حسنتها. والله أعلم.
(^٢) الوابل الصيب من الكلم الطيب ص ٥٧.
1 / 11
وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ» (^١).
وقيام الليل من أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أنفع الأمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن والروح والقلب، قال ابن القيم ﵀: «والصلاة منهاة عن الإثم ودافعة لأدواء القلوب، ومطردة للداء عن الجسد ومنورة للقلب، ومبيضة للوجه، ومنشطة للجوارح والنفس، وجالبة للرزق، ودافعة للظلم، وناصرة للمظلوم وقامعة لأخلاط الشهوات وحافظة للنعمة ودافعة للنقمة، ومنزلة للرحمة، وكاشفة للغمة» (^٢)، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» (^٣).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عثمان بن عفان ﵁ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ،
_________
(^١) برقم ٣٥٤٩، وحسنه الألباني ﵀ كما في إرواء الغليل وقال: الحديث حسن دون الزيادة: ومطردة للداء عن الجسد (٢/ ٢٠٢).
(^٢) زاد المعاد (٤/ ٢٩٩) بتصرف.
(^٣) صحيح البخاري برقم ١١٤٢، وصحيح مسلم برقم ٧٧٦.
1 / 12
لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ» (^١).
وفي لفظ لأبي داود: «مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ، وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ، حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ»، وَقَالَ: فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ؟ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلَا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا.
وروى مسلم في صحيحه من حديث خولة السلمية ﵂ أن النبي ﷺ قال: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرُّهُ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ» (^٢).
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ﵁ أنه قال جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ. قَالَ: «أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرُّكَ» (^٣)
وروى مالك في الموطأ أن كعب الأحبار قال: لولا كلمات
_________
(^١) (١/ ٤٩٨) برقم ٤٤٥، وقال محققوه: إسناده حسن.
(^٢) برقم ٢٧٠٨.
(^٣) برقم ٢٧٠٩.
1 / 13
أقولهن لجعلتني يهود حمارًا، فقيل له: وما هن؟ فقال: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، وَبِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَبَرَأَ وَذَرَأَ (^١).
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي أمامة الباهلي ﵁ أن النبي ﷺ قال: «اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ»، قَالَ مُعَاوِيَةُ (^٢): بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ (^٣).
قال الشيخ ابن عثيمين ﵀: «قوله: ولا تستطيعها البطلة، يعني السحرة، فهي تدفع عن الإنسان السحر؛ لأن السحرة لا يستطيعونها، إذ أن السحرة من الشياطين، وقد قال اللَّه في سورة البقرة عن السحرة: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٠٢]. فلهذا من قرأ البقرة بإخلاص وإيمان، فإنه لا يقدر عليه السحرة، وظاهر عموم الحديث أنه يشمل من قرأها حفظًا، أو عن نظر في المصحف كما يعم من قرأها في مجلس واحد أو مجالس متفرقة» (^٤).
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي
_________
(^١) برقم ٢٩٥٥. وقال محققه: صحيح مقطوع.
(^٢) هو ابن سلّام، أحد رواة الحديث.
(^٣) جزء من حديث برقم ٨٠٤.
(^٤) التعليق على صحيح مسلم (٤/ ٣٣٤).
1 / 14
مسعود ﵁ أن النبي ﷺ قال: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» (^١).
قال النووي ﵀: «قيل: معناه كفتاه من قيام الليل، وقيل من الشيطان، وقيل من الآفات، ويحتمل من الجميع» (^٢).
وروى أبو داود في سننه من حديث عبد اللَّه بن خبيب ﵁ أنه قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول اللَّه ﷺ ليصلي لنا، فأدركناه، فقال: «أَصَلَّيْتُمْ؟» فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: «قُلْ»، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «قُلْ»، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «قُلْ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «قُلْ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» (^٣).
وقد أوصى النبي ﷺ عقبة بن عامر ﵁ بهما وقال: «تَعَوَّذْ بِهِمَا فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا» (^٤).
قال ابن القيم ﵀ في كلامه على المعوذتين: «المقصود الكلام على هاتين السورتين وبيان عظيم منفعتهما وشدة
_________
(^١) صحيح البخاري برقم ٥٠٠٩، وصحيح مسلم برقم ٨٠٧.
(^٢) شرح صحيح مسلم (٦/ ٣٣٣).
(^٣) سنن أبي داود برقم ٥٠٨٢، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٩٥٧ - ٩٥٨) برقم ٤٢٤١.
(^٤) سنن أبي داود برقم ١٤٦٣، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (١/ ٢٧٥) برقم ١٢٩٩.
1 / 15
الحاجة، بل الضرورة إليهما، وأنه لا يستغني عنهما أحد قط، وأن لهما تأثيرًا خاصًّا في دفع السحر، والعين، وسائر الشرور، وأن حاجة العبد إلى الاستعانة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس، والطعام، والشراب، واللباس» (^١).
وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس ﵄ قال: كان النبي ﷺ يُعوذ الحسن والحسين ويقول: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» (^٢).
قال ابن حجر ﵀: «قوله: «مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ» يدخل تحته شياطين الإنس والجن، «وَهَامَّةٍ» واحدة الهوام ذوات السموم، وقيل كل ما له سم يقتل، فأما ما لا يقتل سمه فيقال له: السوام، وقيل: المراد كل نسمة تهم بسوء، «وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» قال الخطابي: المراد به كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون وخبل ...» (^٣)
وروى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «مَن رَأَى مُبتَلًى فقال: الحمدُ للَّهِ الذي عافَانِي مِمَّا ابْتلاكَ به، وفَضَّلَنِي على كَثيرٍ مِمَّنْ خلق تَفضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ
_________
(^١) بدائع الفوائد ص ٥٣٦.
(^٢) صحيح البخاري برقم ٣٣٧١.
(^٣) فتح الباري (٦/ ٤١٠).
1 / 16
ذلكَ البلاءُ» (^١).
وروى البخاري ومسلم من حديث جابر ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ...» (^٢).
وفي رواية أخرى للبخاري: «... فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فَإِنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ البَيْتِ» (^٣).
وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر ﵁ أن النبي ﷺ قال: «غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ» (^٤).
وفي رواية لمسلم «فَإِنَّ فِي السَّنَةِ يَوْمًا يَنْزِلُ فِيهِ وَبَاءٌ» (^٥).
وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر ﵁ عن
_________
(^١) برقم ٣٤٣٢، وحسنه الشيخ ناصر الدين الألباني كما في صحيح الترغيب ٣٣٩٢.
(^٢) صحيح البخاري برقم ٥٦٢٣، وصحيح مسلم برقم ٢٠١٢ واللفظ له.
(^٣) برقم ٣٣١٦.
(^٤) برقم ٢٠١٤.
(^٥) برقم ٢٠١٤.
1 / 17
رسول اللَّه ﷺ أنه قال: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ» (^١).
وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر ﵁ أن النبي ﷺ قال: «لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ (^٢) وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ (^٣)، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تُبْعَثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ» (^٤).
ولا يبعد أن كثيرًا مما يصيب الناس من الأسقام والعلل النفسية والبدنية هو من التفريط في الامتثال لهذه التوجيهات الكريمة، وقد بلّغ رسول اللَّه ﷺ ونصح، فلا يلومن امرؤ إلا نفسه.
قال القرطبي ﵀: «وقد تضمنت جملة هذه الأحاديث أن اللَّه تعالى قد أطلع نبيه ﷺ على ما يكون في هذه الأوقات من المضار من جهة الشياطين، والفأر والوباء، وقد أرشدنا
_________
(^١) برقم ٢٠١٢.
(^٢) الفواشي: الماشية، كل منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وغيرها.
(^٣) فحمة الليل: أي سواده.
(^٤) برقم ٢٠١٣.
1 / 18
النبي ﷺ إلى ما يُتقى به ذلك - فليبادر الإنسان إلى فعل تلك الأمور ذاكرًا اللَّه تعالى - ممتثلًا أمر نبيه ﷺ، وشاكرًا للَّه تعالى على ما أرشدنا إليه، وأعلمنا به، ولنبيه ﷺ على تبليغه ونصحه، فمن فعل ذلك لم يصبه من شيء من ذلك ضرر بحول اللَّه وقوته، وبركة امتثال أوامره ﷺ، وجازاه عنا أفضل ما جازى نبيًّا عن أمته، فقد بلغ ونصح» (^١).
وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً» (^٢).
قال الخطابي: «تكلم على هذا الحديث من لا خلاق له، فقال: كيف يجتمع الشفاء والداء في جناحي الذباب، وكيف يعلم ذلك من نفسه حتى يقدم جناح الشفاء، وما ألجأه إلى ذلك؟ قال: وهذا سؤال جاهل أو متجاهل، فإن كثيرًا من الحيوان قد جمع الصفات المتضادة، وقد ألف اللَّه بينها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان، وإن الذي ألهم النحلة اتخاذ البيت العجيب الصنعة للتعسيل فيه، وألهم النملة أن تدخر قوتها أوان حاجتها، وأن تكسر الحبة نصفين لئلا تستنبت، لقادر على إلهام
_________
(^١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٥/ ٢٨٢).
(^٢) برقم ٣٣٢٠.
1 / 19
الذبابة أن تقدم جناحًا وتؤخر آخر» (^١).
وكان النبي ﷺ يسأل ربه صباحًا ومساءً العافية وعند نومه، فروى أبو داود في سننه من حديث ابن عمر ﵄ قال: لم يكن رسول اللَّه ﷺ يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» (^٢). وروى مسلم في صحيحه من حديث عبد اللَّه بن الحارث يحدث عن عبد اللَّه بن عمر ﵄ أنه أمر رجلًا إذا أخذ مضجعه قال: «اللَّهُمَّ خَلَقْتَ نَفْسِي ...» الحديث، وقال في آخره: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ»، فقال له رجل: أسمعت هذا من عمر؟ فقال: من خير من عمر، من رسول اللَّه ﷺ (^٣).
«والعافية في الدنيا هي دفع اللَّه عن العبد جميع الأسقام والبلايا وجميع ما يكرهه ويشينه، والعافية في الآخرة هي دفع اللَّه عنه جميع أهوال الآخرة وأفزاعها، ولا يخرج مطلوب العبد من هذين القسمين» (^٤).
_________
(^١) فتح الباري (١٠/ ٣٠٤).
(^٢) برقم ٥٠٧٤، وصححه الألباني ﵀ في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٩٥٧) برقم ٤٢٣٩.
(^٣) برقم ٢٧١٢.
(^٤) انظر: رسالة الشيخ عبدالهادي وهبي: الوسيلة الكافية في تحصيل العافية.
1 / 20
«والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله، ويرفعه أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن وعماد الدين، وله مع البلاء ثلاثة مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيقوى عليه البلاء، فيصاب العبد ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفًا.
الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه» (^١).
فقد روى الترمذي في سننه من حديث ثوبان ﵁ أن النبي ﷺ قال: «لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلاَّ البِرُّ» (^٢).
وروى ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» (^٣).
فبين النبي ﷺ أن أفضل ما سأله العباد أن يعافيهم اللَّه؛ لأن العمدة الكبرى والمنحة العظمى في نيل السعادة الدنيوية والأخروية هي العافية.
_________
(^١) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص (٩ - ١٠) لابن القيم ﵀.
(^٢) برقم ٢١٣٩، وحسنه الألباني ﵀ في صحيح الترمذي (٢/ ٢٢٥) برقم ١٧٣٨.
(^٣) برقم ٣٨٥١، وصححه الألباني؟ في صحيح سنن ابن ماجه برقم ٣١٠٦.
1 / 21
وروى البزار في كشف الأستار من حديث أنس بن مالك ﵁ أنه ﷺ مر بقوم مبتلين فقال: «أَمَا كَانَ هَؤُلاءِ يَسْأَلُونَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ» (^١).
«وفي الحديث دليل على أن سؤال اللَّه العافية يدفع كل بلية، ويرفع كل محنة، ولهذا جاء ﷺ بهذا الاستفهام بمعنى الاستنكار، فكأنه قال لهم: كيف تتركون أنفسكم في هذه المحنة والبلاء؟ وأنتم تجدون الدواء الحاسم لها، والمرهم الشافي لما أصابكم منها، وهو الدعاء بالعافية، واستدفاع هذه المحنة النازلة بكم بهذه الدعوة الكافية.
وفي هذا ما يزيد النفوس نشاطًا، والقلوب بصيرة باستعمال هذا الدواء عند عروض كل داء ومساس كل محنة، ونزول كل بلية» (^٢).
وكان النبي ﷺ يتعوذ باللَّه من سيئ الأسقام، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس ﵁ أن النبي ﷺ كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ» (^٣).
_________
(^١) (٤/ ٣٦) برقم ٣١٣٤، وصححه الشيخ الألباني ﵀ كما في السلسلة الصحيحة برقم ٢١٩٧.
(^٢) انظر: رسالة الشيخ عبدالهادي وهبي: الوسيلة الكافية في تحصيل العافية.
(^٣) (٢٠/ ٣٠٩) برقم ١٣٠٠٤، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
1 / 22
قال الشاعر:
إِنِّي وَإِنْ كَانَ جَمْعُ المَالِ يُعْجِبُنِي ... مَا يَعْدِلُ المَالُ عِنْدِي صِحَّةَ الجَسَدِ
المَالُ زَيْنٌ وَفِي الأَوْلَادِ مَكْرُمَةٌ ... وَالسَّقْمُ يُنْسِيكَ ذِكْرَ المَالِ وَالوَلَدِ
1 / 23
الفصل الثاني
ما يحفظ به الصحة ويدفع به الداء
بعد وقوعه من الأدوية الإلهية
من الأدعية والرقى والصدقات ونحوها من الأعمال الصالحة، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)﴾ [الإسراء: ٨٢]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)﴾ [يونس: ٥٧]، وقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ [فصلت: ٤٤].
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي ﵀: «فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به، وأما الظالمون بعدم التصديق به أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خسارًا، إذ به تقوم عليهم الحجة. فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب من الشبه والجهالة والآراء الفاسدة والانحراف السيئ، والقصود السيئة، فإنه مشتمل على العلم اليقين الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير الذي يزول به كل شهوة تخالف
1 / 25