عرائس البیان فی حقائق القرآن
عرائس البيان في حقائق القرآن
اصناف
(82) وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولو لا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا (83) فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا (84) من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا (85) وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا (86) الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا (87) فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (88))
قوله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ) القرآن صفات القدم ، وهو موصوف به ؛ لأن كلامه الأزلي والقرآن صفة خاصة ذاتية من جملة صفاته ، وهو واحد من جميع الصفات ، لكنه مجمع الصفات كلها ، فيه الأسماء والنعوت وخبر الصفات ، وإعلام تقديس الذات ، وهو قائم بذات الله بغير علة الأصوات والحركات والحروف ، ولو وقع للخلق التفكر والتدبر فيه بنعت المشاهدة والكشف لعلموا أنه خارج من صفة الحوادث ؛ لأنه نعت الأزلية ، ووقعوا في بحار أسراره ، وفنوا في أنواره ، وخرجوا منها جواهر حكم القدمية ورموز السرمدية وحقائق الأبدية التي هو خبر جلال الذات وعيون الصفات وأسرار الأفعال من العرش إلى الثرى ، صفته تجلت في حروف الوحدانية ، وتجلت حروف الوحدانية في حروف القرآن ، وكل حرف مملوء من بحار نكت الإلهية ، من وقف على أسرارها يدهش في تجليها ، ويعرف أنها خرجت من القدم ، وأنها ليست من أوصاف أهل العدم ، لأن وصف الله منزه عن الخلل والتضاد والخلاف ، وأوصاف الخلق متضادة متباينة متغيرة ، وذلك المعنى موجود فيما بقي من الآية.
قوله تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) كلهم مرضى في دار الدنيا ، يحتاجون إلى مفرج القرآن ، ولو تدبروا لوجدوا كل حرف منه شفاء لعلة ، فإذا وصل دواؤه داء الخليقة يذهب آلامه ، ويبقى شفاء القرآن ، ويكون صحيحا بجماله غير سقيم باحتجابه ، قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) [الإسراء : 82] ، وفي إنباء استفهامه شكاية عن العباد أي : أفلا تأتون طلاب عرائس جمال الأزل إلى حجاب القرآن لأن تحت كل حرف حجلة من نور البهاء ، وفيها عروس من عرائس جمال الأزل يتلو بلسان السر بنعت الترنم حقائق خطاب الحق.
صفحہ 264