135

عرائس البیان فی حقائق القرآن

عرائس البيان في حقائق القرآن

اصناف

ولا ينبغي لمن حمل حرا إلا أن يكون هو أيضا حرا.

قال الأستاذ : المحرر الذي ليس في رق شيء من المخلوقات ، حرره الحق في سابق حكمه عن رق الاشتغال بجميع الوجود والأحوال.

قال جعفر : ( محررا ) أي : عتيقا من رق الدنيا وأهلها.

وقال محمد بن علي في قوله : ( إني نذرت لك ما في بطني محررا ) أي : يكون لك عبدا مخلصا ، ومن كان خالصا لك كان حرا مما سواك.

وسئل سهل بن عبد الله عن المحرر فقال : هو المعتق من إرادة نفسه ، ومتابعة هواه.

وقال النوري : أي : خادما لأهل صفوتك.

قال أبو عثمان : ( محررا ) عن شغلي به ، وتدبيري له فيكون مسلم إلى تدبيرك فيه حسن اختيارك له.

وقال محمد بن الفضل : ( محررا ) عن الاشتغال بالمكاسب.

قوله تعالى : ( فتقبلها ربها بقبول حسن ) قبول الحق لها أنه أخلصها لعبادته ، وجعلها محل آيته وكرامته ، ورباها في حجر صفوة أنبيائه وأوليائه ، وكشف لها من عظيم آياته ما لا يقوم بإزائها أكثر أهل زمانها الأنبياء ، وأرسل إليها في الظاهر روح القدس حتى يعلمها حسن الأدب ، ونفخ فيها روح الخاص الذي هو طير الأنس ، حتى يكون لها ذخيرة المآب. وقال جعفر : يقبلها حتى يعجب الأنبياء مع علو أقدارهم في عظم شأنها عند الله.

ألا يرى أن زكريا قال لها : ( أنى لك هذا قالت هو من عند الله ) أي : من عند من تقبلني.

وقال الواسطي : ( بقبول حسن ) محفوظ قوله تعالى : ( وأنبتها نباتا حسنا ) أنبتها شجرة الربوبية وسقاها من مياه القدرة حتى أثمرها ثمرة النبوة ؛ لتكون الثمرة حياة الخلق ؛ لأنها هي روح الحق يعني عيسى ، وقيل : أضاف الإحسان إليها في الشريعة وفي الحقيقة حفظها وأنبتها.

وقال ابن عطاء : أحسن النبات ما كان ثمرته مثل عيسى عليه السلام روح الله.

وقال الأستاذ : ( فتقبلها ربها بقبول حسن ) حيث بلغها فوق ما تمنت أمها ، وقيل : القبول الحسن إن رباها على نعت العصمة ، حتى كانت بقول : ( أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) [مريم : 18].

وقال أيضا : من إشارات القبول الحسن أنها لم تكن توجد إلا في المحراب ( وكفلها

صفحہ 145