عرب اس زمانے کا: وطن بغیر مالک
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
اصناف
لقد سببت سياسة انحياز أوروبة إلى الولايات المتحدة خسارة كبيرة لأوروبة وأمريكة ولباقي شعوب العالم؛ فقد زادت كراهية العالم الثالث لأوروبة بعد انضمام بعض دولها، خاصة بريطانية، إلى قوات الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان، وبعد أن ظنت أن حركات التحرر الوطني قد نجحت في الحصول على الاستقلال، وتأسيس الدول الوطنية المستقلة.
عادت أوروبة إلى إرثها الاستعماري بتحالفها مع الولايات المتحدة، بعد أن ظنت الشعوب المستعمرة أنها تخلت عنه بعد هزيمة فرنسة في فيتنام والجزائر، وانسحاب باقي القوات البريطانية والبرتغالية والإسبانية والهولندية والإيطالية من المستعمرات خارج حدودها. كما جعلت شعوب العالم الثالث تكره الغرب، ثقافة وحضارة ومدنية ومثلا وقيما وتراثا. ووحدت بين أوروبة الحضارية وأوروبة الاستعمارية الجديدة. وعادت التنوير الأوروبي، ومبادئ الثورة الفرنسية؛ الحرية والإخاء والمساواة، والذي طالما كان نموذجا لفجر النهضة العربية في القرن التاسع عشر، سواء في الإصلاح الديني عند الأفغاني، أو في الفكر الليبرالي عند الطهطاوي، أو في التيار العلمي العلماني عند شبلي شميل. ووقفت أوروبة عاجزة عن الدفاع عن إرثها التقليدي ومناطق نفوذها في أفريقية وآسيا وأمريكة اللاتينية. وتنازلت عنه طواعية للقوة الأمريكية الجديدة الصاعدة. وهي بتحالفها معها الآن تريد أن تسترد بعضا من عنفوانها الإمبراطوري التقليدي منذ غزوها للهند والقضاء على إمبراطورية المغول. تلحق بذيل الولايات المتحدة بعد أن كانت في مقدمتها.
لم تستطع أوروبة كبح جماح المحافظين الجدد الطامحين لإنشاء الإمبراطورية الأمريكية الجديدة كوعد إلهي بإعطائها العالم كله، تجاوزا للوعد الإلهي الذي يعطي إسرائيل ليس فقط فلسطين بل أيضا إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات. لم تستطع أوروبة ممثلة في أنظمتها السياسية، وليست في شعوبها، تحسين صورة الغرب الأمريكي، وهي تشارك معه جغرافيا في اسم الغرب، وأمريكة تحارب الحركات الدينية في كل مكان بدعوى الإرهاب والعنف وكراهية الولايات المتحدة .
متى تسترد أوروبة استقلالها الدفاعي، وتطالب بتفكيك القواعد العسكرية الأمريكية من على أراضيها وسجونها السرية للمخطوفين السياسيين بدعوى القضاء على الإرهاب ومحاكمة الإرهابيين، كما هو الحال في سجون غوانتامو وأبي غريب؟ لقد انتهى الخطر الأحمر وراء الستار الحديدي الذي من أجله أقيمت هذه القواعد وحلف شمال الأطلنطي بانتهاء الحرب الباردة، وسقوط الأنظمة الاشتراكية، واستتباب الأمر لعالم ذي قطب واحد، وعولمة جعلت العالم كله سوقا لمجموعة الدول الثمانية التي لا يستطيع أن ينافسها أحد؛ مما أدى إلى احتكار معظم الإنتاج الصناعي الثقيل في العالم.
إن أوروبة جغرافيا وسط العالم القديم، تقع في منطقة متوسطة بين أفريقية جنوبا والبلاد الإسكندنافية شمالا، وروسية شرقا. وبين هذه الجهات الثلاث هناك اتصال أرضي بين أوروبة والشمال، وبين أوروبة والشرق، واتصال بحري عبر البحر الأبيض المتوسط جنوبا، والذي لا يبعد شاطئه الشمالي في إسبانية مثلا عن شاطئه الجنوبي في المغرب أكثر من عشرين كيلومترا في مضيق جبل طارق، أو مائتي كيلومتر بين جزيرة جربة في تونس، وجزيرة صقلية في جنوب إيطاليا. أما في الغرب فيفصل أوروبة عن الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من خمسة آلاف كيلومتر، يفصلها المحيط الأطلنطي بأكمله. أوروبة وآسيا وأفريقية في نصف الكرة الشرقي، وأمريكة في نصف الكرة الغربي. فالأقرب إلى أوروبة جغرافيا الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط وشرق الأورال في آسيا ابتداء من أوروبة الشرقية. أفريقية وآسيا خاصرتان لأوروبة في الجنوب والشرق. ربط أوروبة بآسيا طريق الحرير، من الصين حتى البندقية. وربطت أوروبة بشمال أفريقية فرنسة فيما وراء البحار، وبأفريقية تجارة العبيد.
وأوروبة تاريخيا وحضاريا على علاقة بمحيطها الإقليمي منذ آلاف السنين قبل الهجرات الأوروبية إلى العالم الجديد بعد كولومبوس منذ ما يزد قليلا على خمسة قرون. كانت اليونان القديمة على صلة دائمة بمصر كعبة العلم، وبالشام أرض كنعان، وببابل وآشور وحضارات ما بين النهرين، كما عرض مارتن رينال أخيرا في «أثينا السوداء». والعلاقات بين فارس والهند وأوروبة منذ قديم الزمان، حتى إن اللغات الأوروبية تسمى اللغات الهندية الأوروبية في مقابل اللغات السامية.
كانت أوروبة في النهضة الحديثة في أفريقية وآسيا نموذجا للتحديث، في تركية ألمانية، وفي الهند وفي السودان واليمن والخليج بريطانية، وفي المغرب العربية وسورية ولبنان فرنسة. ولم تظهر أمريكة في المنطقة العربية إلا بعد الثورات العربية الأخيرة في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وفرض سياسة الأحلاف على القوى السياسية الجديدة التي مثلها الضباط الأحرار؛ حلف بغداد، الحلف الإسلامي، وسياسة المحاور؛ محور الرياض - طهران - كراتشي.
بدأت أمريكة بإدانة العدوان الثلاثي على مصر، وإنذار أيزنهاور الشهير المتزامن مع الإنذار الروسي، ثم عادت الولايات المتحدة حركة التحرر العربي الممثلة في القومية العربية، وأيدت تأييدا مطلقا إسرائيل وحروبها التوسعية حتى الآن.
كانت لأوروبة رسالة حضارية في عصورها الحديثة، القضاء على الإقطاع والملكية والكنيسة ومحاكم التفتيش وكل رموز القهر والتسلط، واعتمدت على العقل لفهم قوانين الطبيعة التي يمثلها نيوتن، وفي قوانين المجتمع ونظرية العقد الاجتماعي التي يمثلها روسو، ودافعت عن قيم الحرية والديمقراطية. وفيها تم الإعلان الأول والثاني لحقوق الإنسان والمواطن. وقد جسدتها أيضا مثل التنوير؛ العقل والحرية والطبيعة والمساواة والتقدم والتحديث. وقد قامت الثورة الأمريكية على هذه المثل كما عبر عنها الدستور الأمريكي ووثيقة الاستقلال. أما أمريكة فلم تكن لها منذ نشأتها رسالة، إنما قامت منذ البداية على الغزو والنهب والسلب واستئصال الشعوب الأصلية والعبودية والبحث عن الذهب . وما زالت صورة الأمريكي في أذهان الناس صورة راعي البقر والمسدسات وسرقة الأبقار واغتيال أصحابها. قارة زرع فيها الرجل الأبيض حضارته، وشعب بلا وعي تاريخي، لا يدرك إلا الآني، عقدته الشعوب ذات الحضارات العريقة مثل مصر والعراق والصين.
أوروبة هي التي اكتشفت أمريكة بداية من إسبانية بعد أن غادرها المسلمون وسقطت غرناطة، بفضل خرائط العرب ونظرياتهم في كروية الأرض. والأوروبيون هم الذين عمروها وصنعوها وجعلوا منها القوة الأولى في العالم. فكيف يكون الأصل تابعا للفرع، والأب تابعا للابن؟ أمريكة من صنع المهاجرين والمغامرين الأوروبيين، فكيف يكون الأوروبيون عبيدا لما صنعوه بأيديهم؛ عبدة للأصنام؟
نامعلوم صفحہ