عرب اس زمانے کا: وطن بغیر مالک
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
اصناف
أشداء على الكفار رحماء بينهم (الفتح: 29)، وجعلوها أشداء بينهم رحماء على الكفار. ونسوا المثل الشعبي: «أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب.»
استعدت شعوب وثقافات أخرى داخليا لمواجهة المخاطر الخارجية، ومهدت أرضيتها الاجتماعية والثقافية لمقاومة الغزو الأجنبي، وأثبتت المجسات الأجنبية أن هذه الشعوب والثقافات صلبة جامدة لا يمكن اختراقها، مثل الصين واليابان وكوريا الشمالية وكوبا وماليزيا. يحمي الصين وحدتها القومية، وثورتها الاشتراكية، ومشاريعها التنموية، ومعدل زيادة نتاجها القومي بما يقارب 9٪. يخطب الجميع ودها، ويخشى من مستقبلها وفائض إنتاجها، بل ومن قوتها العسكرية. حررت هونج كونج سلميا، وبقيت تايوان. ومهما حاول الغرب الدخول من منطلق الحريات العامة وحقوق الإنسان فإنها تظل صامدة، بل وتطلب الاعتذار من دولة كبرى إذا ما أسقطت طائرتها للتجسس عليها.
واليابان مثل الصين تحافظ على وحدتها الوطنية بالديمقراطية التوافقية وبالإجماع الوطني على القضايا الكبرى. هزمت في الحرب العالمية الثانية، ولكنها انتصرت في النمو الاقتصادي وفي الصناعات الحديثة، وغزت منتجاتها أسواق العالم. وهي تستورد المواد الأولية من الغرب، والطاقة من الخليج، وليس لديها إلا العقل والإرادة.
وكوريا تقف صامدة في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية. تتمسك بحقها في امتلاك الطاقة النووية والصواريخ العابرة للقارات، وتسعى إلى توحيد شطري شبه الجزيرة الكورية بين الشمال والجنوب، وتساعد دول العالم الثالث في تنميتها الاقتصادية وصناعاتها العسكرية. وكوبا أيضا صامدة في مواجهة التدخلات الخارجية، ومحاولة قلب نظامها الوطني الاشتراكي على مدى أكثر من أربعين عاما. تنمية مستقلة، وقضاء على البطالة، وتمسك بالاستقلال الوطني بالرغم من قربها من الولايات المتحدة الأمريكية. وأصبحت أحد عوامل بلورة اليسار الجديد في أمريكة اللاتينية في فنزويلا وشيلي والبرازيل وبوليفيا. وقد يؤثر ذلك في الوطن العربي عن قريب؛ فقد بدءا معا، ناصر وجيفارا، وقد يعيدا البدء معا من جديد.
ومن البلاد الإسلامية تعطي ماليزيا نموذجا لإعادة بناء الداخل في مواجهة التهديدات الخارجية، وتجهر بمواجهة الغرب الرأسمالي الصهيوني العنصري، وجعلت الإسلام أحد مكونات الدولة والهوية الوطنية. وإيران صامدة في مواجهة المخاطر الخارجية. تدافع عن استقلالها الوطني وحقها في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، أسوة بغيرها التي تجهر بالحرب والتوسع، بل إن تركية التي كانت إلى عهد قريب جزءا من الحلف الغربي أصبحت الآن أكثر استقلالا، وابتعادا عن الغرب وإسرائيل، وأقرب إلى العرب وإيران دفاعا عن حق التعددية القطبية في نظام العالم.
فمتى يبدأ العرب بترتيب البيت من الداخل، والقضاء على الفجوات والفراغات في الثقافة والمجتمع، حتى تأمن الغيلة، وتستعد للمقاومة، وتقضي على مواطن الضعف فيها؛ حتى إذا ما جستها قوى الهيمنة الخارجية وجدتها صعبة الاختراق؟
الإهانة والتحدي
1
جرت العادة في فلسفات التاريخ أن يقرن التحدي بالاستجابة؛ فكل تحد له استجابة، ولكن في الوطن العربي يقرن التحدي بالإهانة؛ فالإهانة تبدأ أولا وتتكرر وتتراكم حتى تأتي لحظة التحدي والرفض لها والانتفاضة ضدها والثورة عليها.
وفي هذه اللحظة التاريخية، مفترق الطرق، تتكرر الإهانات واحدة تلو الأخرى، وكأن المواطن أصبح بلا كرامة، والوطن بلا شعب ودولة، وأن الساحة العربية كلها أصبحت بلا صاحب تفعل فيها القوى الخارجية كما تشاء، وتلعب في أحشائها كما تريد، وتجري العمليات الجراحية واستئصال الأعضاء، وتغيير مجرى الشرايين، وزرع الأعضاء الصناعية بما في ذلك القلب كما تهوى وتخطط. والوطن في حالة تخدير، جثة هامدة، تفعل فيه يد كبير الجراحين وفريقه ما يشاء. أصبح صدر المواطن عاريا يصوب إليه من يشاء، وسماء الوطن مفتوحة يخترقها من يريد، وأرضه بلا ثغور ولا حدود، يدهسها كل غاز، مع أن مهمة الإمام في الفقه القديم «الذب عن البيضة» بتقوية الثغور والدفاع عن الحدود؛ فالوطن كالبيضة إن لم يتم الدفاع عنه انكسرت قشرتها؛ أي إرادتها، وسال بياضها بالدموع، وصفارها بالدم.
نامعلوم صفحہ