بسم الله الرحمن الرحيم
نص اعتقاد الإمام أحمد بن حنبل
أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو محمد المبارك بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد المعروف بابن الطباخ البغدادي رحمه الله في الدنيا والآخرة إجازة قال حدثنا شيخنا الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن الناصر بن محمد بن محمد بن علي البغدادي بها قال أخبرنا الإمام جمال الإسلام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال أخبرنا عمي أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي بجميع هذا الاعتقاد وقال جملة اعتقاد أحمد بن حنبل رضي الله عنه والذي كان يذهب إليه
مجمل الاعتقاد
إن الله عز وجل واحد لا من عدد لا يجوز عليه التجزؤ ولا القسمة وهو واحد من كل جهة وما سواه واحد من وجه دون وجه
صفحہ 101
وأنه موصوف بما أوجبه السمع والاجماع وذلك دليل إثباته وأنه موجود
قال احمد بن حنبل رضي الله عنه من قال إن الله عز وجل لم يكن موصوفا حتى وصفه الواصفون فهو بذلك خارج عن الدين
توحيد الله
وبيان ذلك أن يلزمه أن لا يكون واحدا حتى وحده الموحدون وذلك فاسد
الله قادر حي عالم
وعنده أنه قد ثبت أن الله تعالى قادر حي عالم وقرأ {هو الحي لا إله إلا هو} {وكان الله على كل شيء مقتدرا} {وكان الله بكل شيء عليما}
صفته تعالى السميع العليم
قال وفي صفات الله تعالى ما لا سبيل إلى معرفته إلا بالسمع مثل قوله تعالى {وهو السميع البصير} فبان بإخباره عن نفسه ما اعتقدته العقول فيه وأن قولنا سميع بصير صفة من لا يشتبه عليه شيء كما قال في كتابه الكريم ولا تكون رؤية إلا ببصر يعني من المبصرات بغير صفة من لا يغيب عليه ولا عنه شيء وليس ذلك بمعنى العلم كما يقوله المخالفون ألا ترى إلى قوله تعالى لموسى {إنني معكما أسمع وأرى}
صفحہ 102
قال وقوله تعالى {وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} يدل على أن معنى {السميع} غير معنى {العليم} وقال {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} وقال عليه السلام سبحان من وسع سمعه الأصوات ومعنى ذلك من قوله أنه لو جاز أن يسمع بغير سمع جازها أن يعلم بغير علم وذلك محال فهو عالم بعلم سميع بسمع
وجه الله تعالى
ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أن لله عز وجل وجها لا كالصور المصورة والأعيان المخططة بل وجهة وصفه بقوله {كل شيء هالك إلا وجهه} ومن غير معناه فقد ألحد عنه وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز ووجه الله باق لا يبلى وصفة له لا تفنى ومن ادعى أن وجهه نفسه فقد ألحد ومن غير معناه فقد كفر وليس معنى وجه معنى جسد عنده ولا صورة ولا تخطيط ومن قال ذلك فقد ابتدع
صفحہ 103
اليدان
وكان يقول إن لله تعالى يدان وهما صفة له في ذاته ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين ولا جسم ولا جنس من الأجسام ولا من جنس المحدود والتركيب والأبعاض والجوارح ولا يقاس على ذلك لا مرفق ولا عضد ولا فيما يقتضي ذلك من إطلاق قولهم يد إلا ما نطق القرآن به أو صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة فيه قال الله تعالى {بل يداه مبسوطتان} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلتا يديه يمين وقال الله عز وجل {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} وقال {والسماوات مطويات بيمينه} ويفسد أن تكون يده القوة والنعمة والتفضل لأن جمع يد أيد وجمع تلك أياد ولو كانت اليد عنده القوة لسقطت فضيلة آدم وثبتت حجة إبليس
علم الله
وكان يقول إن لله تعالى علما وهو عالم بعلم لقوله تعالى {وهو بكل شيء عليم} وبقوله {ولا يحيطون بشيء من علمه} وذلك في القرآن كثير وقد بينه الله عز وجل بيانا شافيا بقوله عز وجل {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} وقال {لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله}
صفحہ 104
وقال {فلنقصن عليهم بعلم} وهذا يدل على أنه عالم بعلم وأن علمه بخلاف العلوم المحدثة التي يشوبها الجهل ويدخلها التغير ويلحقها النسيان ومسكنها القلوب وتحفظها الضمائر ويقومها الفكر وتقويها المذاكرة
وعلم الله تعالى بخلاف ذلك كله صفة له لا تلحقها آفة ولا فساد ولا إبطال وليس بقلب ولا ضمير وإعتقاد ومسكن ولا علمه متغاير ولا هو غير العالم بل هو صفة من صفاته ومن خالف ذلك جعل العلم لقبا لله عز وجل ليس تحته معنى محقق وهذا عند أحمد رضي الله عنه 52 ب خروج عن الملة
قدرة الله
وكان يقول إن لله تعالى قدرة وهي صفة في ذاته وأنه ليس بعاجز ولا ضعيف لقوله عز وجل {وهو على كل شيء قدير} وقوله تعالى {قل هو القادر على أن يبعث عليكم} وبقوله {فقدرنا فنعم القادرون} وبقوله تعالى {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} وبقوله تعالى {ذو القوة المتين} فهو قدير وقادر وعليم وعالم ولا يجوز أن يكون قديرا ولا قدرة له ولا يجوز أن يكون عليما ولا علم له
صفحہ 105
إرادة الله
وكان يقول إن الله تعالى لم يزل مريدا والإرادة صفة له في ذاته خالف بها من لا إرادة له والإرادة صفة مدح وثناء لأن كل ذات لا تريد ما تعلم أنه كائن فهي منقوصة والله تعالى مريد لكل ما علم أنه كائن وليست كإرادات الخلق وقد أثبت ذلك لنفسه فقال {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} وقال تعالى {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} فلو كانت إرادته مخلوقة كانت مرادة بإرادة أخرى وهذا ما لا يتناهى وذلك في القرآن كثير وقد دلت العبرة على أن من لا إرادة له فهو مكره
كلام الله
</span>
وكان يقول إن لله عز وجل كلاما هو به متكلم وذلك صفة له في ذاته خالف بها الخرس والبكم والسكوت وامتدح بها نفسه فقال عز وجل في الذين اتخذوا العجل {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين} فعابهم لما عبدوا إلها لا يتكلم ولا كلام له فلو كان إلهنا لا يتكلم ولا كلام له رجع العيب عليه وسقطت حجته على الذين اتخذوا العجل من الوجه الذي احتج عليهم به ويزيد ذلك أن إبراهيم عليه السلام أنب أباه بقوله {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا}
صفحہ 106
كلام الله
وحكي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما فسرا قوله عز وجل {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} قالا غير مخلوق
وكان يقول إن القرآن كيف تصرف غير مخلوق وأن الله تعالى تكلم بالصوت والحرف
وكان يبطل الحكاية ويضلل القائل بذلك وعلى مذهبه أن من قال إن القرآن عبارة عن كلام الله عز وجل فقد جهل وغلط وأن الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل دون العبارة عنه ودون الحكاية له وتبطل الحكاية عنده بقوله عز وجل {وكلم الله موسى تكليما} وتكليما مصدر تكلم يتكلم فهو متكلم وذلك يفسد الحكاية ولم ينقل عن احد من أئمة المسلمين من المتقدمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين عليهم السلام القول بالحكاية والعبارة فدل على أن ذلك من البدع المحدثة
إستواؤه جل شأنه
وكان يقول إن الله عز وجل مستو على العرش المجيد وحكى جماعة عنه ان الاستواء من صفات الفعل
صفحہ 107
وحكى جماعة عنه أنه كان يقول إن الاستواء من صفات الذات
وكان يقول في معنى الاستواء هو العلو والارتفاع ولم يزل الله تعالى عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه فهو فوق كل شيء والعالي على كل شيء وإنما خص الله العرش لمعنى فيه مخالف لسائر الأشياء والعرش أفضل الأشياء وأرفعها فامتدح الله نفسه بأنه على العرش 53 ب أستوى أي عليه علا ولا يجوز أن يقال أستوى بمماسة ولا بملاقاة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل ولا تلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش
وكان ينكر على من يقول إن الله في كل مكان بذاته لأن الأمكنة كلها محدودة وحكي عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك أن الله تعالى مستو على عرشه المجيد كما أخبر وأن علمه في كل مكان ولا يخلوا شيء من علمه وعظم عليه الكلام في هذا واستبشعه
بائن من خلفه
فهو سبحانه عالم بالأشياء مدبر لها من غير مخالطة ولا موالجة بل هو العالي عليها منفرد عنها وقرأ أحمد بن حنبل قوله تعالى {وهو القاهر فوق عباده} وقرأ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وقرأ {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}
صفحہ 108
وقرأ {إني متوفيك ورافعك إلي} وقرأ {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون}
وذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه إلى أن الله عز وجل يغضب ويرضى وأن له غضب ورضى وقرأ أحمد قوله عز وجل {ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} فأضاف الغضب إلى نفسه وقال عز وجل {فلما آسفونا انتقمنا منهم} قال ابن عباس يعني أغضبونا وقوله أيضا {فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه} ومثل ذلك في القرآن كثير
والغضب والرضى صفتان له من صفات نفسه لم يزل الله تعالى غاضبا على ما سبق في علمه أنه يكون ممن يعصيه ولم يزل راضيا على ما سبق في علمه أنه يكون مما يرضيه
وأنكر أصحابه على من يقول إن الرضى والغضب مخلوقان
54 -
أقالوا من قال ذلك لزمه أن غضب الله عز وجل على الكافرين يفنى وكذلك رضاه على الأنبياء والمؤمنين حتى لا يكون راضيا على
نامعلوم صفحہ
أوليائه ولا ساخطا على أعدائه وسمي ما كان عن الصفة باسم الصفة مجازا في بعض الأشياء وسمى عذاب الله تعالى وعقابه غضبا وسخطا لأنهما عن الغضب كانا
وقد أجمع المسلمون لا يتناكرون بينهم إذا رأوا الزلازل والأمطار العظيمة أنهم يقولون هذه قدرة الله تعالى والمعنى أنها عن قدرة كانت وقد يقول الإنسان في دعائه اللهم إغفر لنا علمك فينا وإنما يريد معلومك الذي كلمته فيسمى المعلوم باسم العلم وكذلك سمي المرتضى باسم الرضى وسمي المغضوب باسم الغضب
إن لله نفسا
مسألة وذهب إلى أن لله نفسا وقرأ أحمد بن حنبل {ويحذركم الله نفسه} وقال عز وجل {كتب ربكم على نفسه الرحمة} وقال {واصطنعتك لنفسي} وليست كنفس العباد التي هي متحركة متصعدة مترددة في أبدانهم بل هي صفة له في ذاته خالف بها النفوس المنفوسة المجعولة ففارق الأموات وحكى في تفسيره عن إبن عباس في قوله تعالى {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} قال تعلم ما في النفس المخلوقة ولا أعلم ما في نفسك الملكوتية
صفحہ 110
{إنك أنت علام الغيوب}
لا يجوز أن يسمى جسما
وأنكر على من يقول بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة بالشريعة واللغة وأهل اللغة وضعوا هذا الأسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن 54 ب يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجئ في الشريعة ذلك فبطل
وكان يذهب إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار وقرأ {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} ولو لم يرد النظر بالعين ما قرنه بالوجه وأنكر نظر التعطف والرحمة لأن الخلق لا يتعطفون على الله تعالى ولا يرحمونه وأنكر الانتظار من أجل ذكر الوجه ومن أجل أنه تبعيض وتكرير ولأنه أدخل فيه إلى وإذا دخلت إلى فسد الانتظار قال الله تعالى {ما ينظرون إلا صيحة واحدة} وقال عز وجل {فناظرة بم يرجع المرسلون} فلما أراد الانتظار لم يدخل إلى وروى الحديث المشهور في قوله ترون ربكم إلى آخره
صفحہ 111
الله قديم بصفاته
مسألة وكان يقول إن الله تعالى قديم بصفاته التي هي مضافة إليه في نفسه
وقد سئل هل الموصوف القديم وصفته قديمان فقال هذا سؤال خطأ لا يجوز أن ينفرد الحق عن صفاته ومعنى ما قاله من ذلك أن المحدث محدث بجميع صفاته على غير تفصيل وكذلك القديم تعالى بجميع صفاته
صفحہ 112
الإسم والمسمى
مسألة وعظم عليه الكلام في الإسم والمسمى وتكلم أصحابه في ذلك فمنهم من قال الإسم للمسمى ومنهم من قال الاسم هو المسمى والقول الأول قول جعفر بن محمد والقول الثاني قول جماعة من متكلمي أصحاب الحديث والذين طلبوا السلامة أمسكوا وقالوا لا نعلم
أفعال العباد مخلوقة
وكان يذهب إلى أن أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل ولا يجوز أن 55 أيخرج شيء من أفعالهم عن خلقه لقوله عز وجل {خالق كل شيء} ثم لو كان مخصوصا لجاز مثل ذلك التخصيص في قوله {لا إله إلا هو} وأن يكون مخصوصا أنه إله لبعض الأشياء وقرأ {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة} وقرأ {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} وقرأ {وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} وروي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل
صفحہ 113
عن أعمال الخلق التي يستوجبون بها من الله السخط والرضا فقال هي من العباد فعلا ومن الله تعالى خلقا لا تسأل عن هذا أحدا بعدي
الإستطاعة
وكان أحمد يذهب إلى أن الاستطاعة مع الفعل وقرأ قوله عز وجل {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا} وقرأ {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} والقوم لا آفة بهم وكان موسى تاركا للصبر وقرأ {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} فدل على عجزنا ودل ذلك على أن الخلق بهذه الصفة لا يقدرون إلا بالله ولا يصنعون إلا ما قدره الله تعالى وقد سمي الإنسان مستطيعا إذا كان سليما من الآفات
عدل الله تعالى
</span>
مسألة وكان يقول إن الله تعالى أعدل العادلين وإنه لا يلحقه جور ولا يجوز أن يوصف به عز عن ذلك وتعالى علوا كبيرا وأنه متى كان في ملكه مالا يريده بطلت الربوبية وذلك مثل أن يكون في ملكه مالا يعلمه تعالى الله علوا كبيرا
المشيئة لله
قال أحمد بن حنبل ولو شاء الله أن يزيل فعل الفاعلين مما كرهه أزاله ولو شاء أن يجمع خلقه على شيء واحد لفعله إذ هو قادر على
صفحہ 114
ذلك ولا يلحقه عجز ولا ضعف ولكنه كان من خلقه ما علم وأراد
55 -
فليس بمغلوب ولا مقهور ولا سفيه ولا عاجز بريء من لواحق التقصير وقرأ قوله تعالى {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} وهو عز وجل لا يوصف إذا منع بالبخل لأن البخيل هو الذي يمنع ما وجب عليه فأما من كان متفضلا فله أن يفعل وله أن لا يفعل
واحتج رجل من أصحابنا يعرف بأبي بكر بن أحمد بن هانئ الإسكافي الأثرم فقال جعل الله تعالى العقوبة بدلا من الجرم الذي كان من عبده وهو مريد للعقوبة على الجرم وفي ذلك دليل واضح على أنه مريد لما أوجب العقوبة لأن كل من أراد البدل من الشيء فقد أراد المبدل ليصح بدله وليس يصح إرادته للبدل حتى يصح البدل
وأيضا فقد خلق الله من يعلم أنه يكفر ولم يكن بذلك سفيها ولا عابثا وكذلك أيضا إذا أراد سفههم لا يكون سفيها ولو جاز أن يقع من الفاعلين فعل لا يريده الله ولا يلحقه في ذلك ضعف ولا وهن ولا عجز ولا غلبة ولا قهر لأنه قادر أن يلجئهم إليه كان جائزا أن يقع منه فعل لا يريده ولا يقع منه ضعف ولا وهن ولا تقصير لأنه قادر على تكوينه وإيقاعه وإذا بطل هذا بطل أن يكون من الأفعال مالا يريده
نامعلوم صفحہ
عدل الله تعالى
وذهب أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى إلى أن عدل الله عز وجل لا يدرك بالعقول فلأجل ذلك كان من حمله على عقله جوره
56 -
أوشرح بعض أصحابه ذلك فقال ما كان الله سبحانه وتعالى لا يتصور بالعقول ولا يتمثله التمييز وفات العقول دركه ومع ذلك فهو شيء ثابت وما تصور بالعقل فالله بخلافه وكذلك صفاته فمن حمل الربوبية وصفاتها على عقله رجع حسيرا ورام أمرا ممتنعا عسيرا والمخالفون بنوا أصولهم في التعديل والتجوير على عقولهم العاجزة عن درك الربوية ففسد عليهم النظر
الطاعة والمعصية
وكان أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول إن الله تعالى يكره الطاعة من العاصي كما يكره المعصية من الطائع حكاه ابن أبي داود وقرأ
نامعلوم صفحہ
{ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم} وانبعاثهم طاعة الله والله يكرهه
الإيمان قول وعمل
وكان أحمد بن حنبل يذهب إلى أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالقلب يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويقوى بالعلم ويضعف بالجهل وبالتوفيق يقع وأن الإيمان اسم يتناول مسميات كثيرة من أفعال وأقوال وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
وعنده أن الصلاة يقع عليها اسم إيمان وقراءة القرآن يقع عليها اسم إيمان
مسألة عن الإيمان
وسئل عن الإيمان أمخلوق أو غير مخلوق فقال من قال إن الإيمان مخلوق فقد كفر لأن في ذلك إيهاما وتعريضا بالقرآن ومن قال 56 ب إنه غير مخلوق فقد ابتدع لأن في ذلك إيهاما وتعريضا أن إماطة الأذى
صفحہ 117
عن الطريق وأفعال الأركان غير مخلوقة فكأنه أنكر على الطائفتين
وأصله الذي بنى عليه مذهبه أن القرآن إذا لم ينطق بشيء ولا روي في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء وانقرض عصر الصحابة ولم ينقل فيه عنهم قول الكلام فيه حدث في الإسلام فلأجل ذلك أمسك عن القول في خلق الإيمان وأن لا يقطع على جواب في أنه مخلوق أو غير مخلوق وفسق الطائفتين وبدعهما
الكتب كلام الله
وكان يذهب إلى أن التوراة والإنجيل وكل كتاب أنزله الله عز وجل غير مخلوق إذا سلم له أنه كلام الله تعالى
القرآن معجز في نفسه
وكان يكفر من يقول إن القرآن مقدور على مثله ولكن الله تعالى منع من قدرتهم بل هو معجز في نفسه والعجز قد شمل الخلق
الإيمان يزيد وينقص
وكان يقول أن الإيمان يزيد ويقرأ {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} ويقرأ {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون} وما جاز عليه الزيادة جاز عليه النقصان
الإيمان غير الإسلام
وكان يقول إن الإيمان غير الإسلام
صفحہ 118
وكان يقول إن الله سبحانه قال {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} استثناء من غير الجنس
وفرق أصحابه بين الإيمان والإسلام فقالوا حقيقة الإيمان التصديق وحقيقة الإسلام الاستسلام فلا يفهم من معنى التصديق الاستسلام ولا يفهم من معنى الاستسلام التصديق واستدل أحمد بن حنبل بحديث الأعرابي وسؤاله عن الإسلام وسؤاله عن الإيمان وجواب 57 أرسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما بجوابين مختلفين واستدل أيضا بحديث الأعرابي الآخر وقوله يا رسول الله أعطيت فلانا ومنعتني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مؤمن فقال الأعرابي وأنا مؤمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلم وبحديث وفد عبد القيس وبقوله عز وجل {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
صفحہ 119
لا يكفر إلا تارك الصلاة
وكان لا يكفر أحدا من أهل القبلة بذنب كبيرا كان أو صغيرا إلا بترك الصلاة فمن تركها فقد كفر وحل قتله قاله ابن حنبل ويستدل بقوله عز وجل {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} فقد جمع بينهم في الإصطفاء
مسائل شتى في الفضائل
وكان لا يفسق الفقهاء في مسائل الخلاف
وكان يسلم أحاديث الفضائل ولا ينصب عليها المعيار وينكر على من يقول إن هذه الفضيلة لأبي بكر باطلة وهذه الفضيلة لعلي باطلة لأن القوم أفضل من ذلك ولا يتبرأ من عين رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يجمع المسلمون على التبرئ منها
الميزان
ويقول إن لله تعالى ميزانا يزن فيه الحسنات والسيئات ويرجع إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحہ 120