العاقبة في ذكر الموت
العاقبة في ذكر الموت
تحقیق کنندہ
خضر محمد خضر
ناشر
مكتبة دار الأقصى
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٠٦ - ١٩٨٦
پبلشر کا مقام
الكويت
كروعة ثلة لمغار ذِئْب ... فَلَمَّا غَابَ عَادَتْ راتعات
وَكَأن هَذَا البائس الغافل لم يسمع بِرَجُل قد شيع جَنَازَة ثمَّ مَاتَ المشيع بعد جُمُعَة وَرُبمَا كَانَ بعد يَوْم وَاحِد أَو أقل من يَوْم أَو كَأَنَّهُ لم يعلم أَن هَذَا الْمَيِّت كَانَ طَوِيل الأمل ممتد الرَّجَاء يطْمع فِي الْعَيْش ويحرص على الْبَقَاء حَتَّى هجم عَلَيْهِ ملك الْمَوْت فِي الْوَقْت الَّذِي لم يكن يظنّ بِهِ وَقَامَ مَعَه من الْمَكَان الَّذِي لم يكن يحسبه فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون
وَقد كَانَ السّلف الصَّالح ﵃ بِخِلَاف هَذَا كَانُوا إِذا رَأَوْا الْجَنَائِز نظرُوا إِلَيْهَا نظر المعتبرين وَتَكَلَّمُوا عِنْدهَا بِكَلَام الموفقين وَكَانُوا يَقُولُونَ القَوْل ويعملون بِمُقْتَضَاهُ
وسأذكر لَك من كَلَامهم وأحكي لَك من أَقْوَالهم مَا أمكنني لَعَلَّه يُحَرك مِنْك سَاكِنا ويوقظ مِنْك نَائِما وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه سُبْحَانَهُ
ويروى عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ أَنه كَانَ إِذا رأى جَنَازَة قَالَ امْضِ وَنحن على أثرك
وَكَانَ مَكْحُول الدِّمَشْقِي ﵀ إِذا رأى جَنَازَة قَالَ اغْدُ فَإنَّا رائحون موعظة بليغة وغفلة سريعة يذهب الأول وَالْآخر لَا عقل لَهُ
وَمَرَّتْ بالْحسنِ الْبَصْرِيّ ﵀ جَنَازَة فَقَالَ يَا لَهَا موعظة مَا أبلغهَا وأسرع نسيانها يَا لَهَا موعظة لَو وَافَقت من الْقُلُوب حَيَاة ثمَّ قَالَ يَا غَفلَة شَامِلَة للْقَوْم كَأَنَّهُمْ يرونها فِي النّوم ميت غَد يدْفن ميت الْيَوْم
وَقَالَ أسيد بن حضير مَا شهِدت جَنَازَة وَحدثت نَفسِي بِشَيْء سوى مَا يفعل بِالْمَيتِ وَمَا هُوَ صائر إِلَيْهِ
وَلما مَاتَ أَخُو مَالك بن دِينَار خرج مَالك فِي جنَازَته فَوقف على قَبره
1 / 153