العاقبة في ذكر الموت
العاقبة في ذكر الموت
تحقیق کنندہ
خضر محمد خضر
ناشر
مكتبة دار الأقصى
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٠٦ - ١٩٨٦
پبلشر کا مقام
الكويت
الْمَفَازَة وَقلة الزَّاد وَضعف الْيَقِين والعقبة الكؤود الَّتِي المهبط مِنْهَا إِمَّا إِلَى الْجنَّة وَإِمَّا إِلَى النَّار
وَلما حضرت حُذَيْفَة بن الْيَمَان الْوَفَاة قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي كنت أخافك وَأَنا الْيَوْم أرجوك اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي لم أكن أحب الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا لجري الْأَنْهَار وَلَا لغرس الْأَشْجَار وَلَكِن لظمأ الهواجر وَقيام اللَّيْل ومكابدة السَّاعَات ومزاحمة الْعلمَاء فِي حلق الذّكر وَلما اشْتَدَّ بِهِ النزع جعل كلما أَفَاق من غمرة فتح عَيْنَيْهِ وَقَالَ يَا رب شدّ شداتك واخنق خنقاتك فوعزتك إِنَّك لتعلم أَنِّي أحبك
وَمثل هَذَا يرْوى عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر ﵁ أَنه لما نزل بِهِ الْمَوْت بَكَى فَقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ مَا أبْكِي حرصا على الدُّنْيَا وَلَا جزعا من الْمَوْت وَلَكِن أبْكِي على مَا يفوتني من ظمأ الهواجر وَقيام ليَالِي الشتَاء
وَكَذَلِكَ يرْوى عَن عَامر بن قيس
وَقَالَ أنس بن مَالك ﵁ لما حضر وَقد نزل بِهِ الْمَوْت ليعاين النَّاس غَدا من عَفْو الله وسعة رَحمته مَا لم يخْطر على قلب بشر
كشف لَهُ ﵁ عَن سَعَة رَحْمَة الله وَكَثْرَة عَفوه وَعظم تجاوزه مَا أوجب أَن قَالَ هَذَا
وَلما دنت الْوَفَاة من عمر بن عبد الْعَزِيز ﵀ بَكَى فَقيل لَهُ مَا يبكيك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أبشر فقد أَحْيَا الله ﵎ بك سنة وَأظْهر عدلا فَبكى ثمَّ قَالَ أَلَيْسَ أوقف ثمَّ أسأَل عَن هَذَا الْخلق وَالله لَو عدلت فيهم لخفت أَن لَا تقوم نَفسِي بحجتها عِنْد الله تَعَالَى إِلَّا أَن يلقنها حجتها ويثبتها فَكيف بِكَثِير مِمَّا ضيعت ثمَّ بَكَى
ويروى عَن فَاطِمَة بنت عبد الْملك بن مَرْوَان امْرَأَة عمر بن عبد الْعَزِيز هَذَا أَنَّهَا قَالَت كنت أسمع عمر بن عبد الْعَزِيز فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُول اللَّهُمَّ أخف عَلَيْهِم موتِي وَلَو سَاعَة من نَهَار فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ خرجت من عِنْده فَجَلَست فِي بَيت قريب مِنْهُ بيني وَبَينه بَاب فَسَمعته يَقُول
1 / 126