وكتاب من سنواتي الأخيرة (out of my later years) ، وناقش آراء المعلقين على معتقده في الكتاب الخاص به من سلسلة الفلاسفة الأحياء، ولم يخرج إجمال تلك الشروح عما قدمناه. •••
وليس استقصاء المعتقدات التي يدين بها جميع العلماء ميسورا في هذه العجالة، ولكننا نحسب أننا مثلنا لها تمثيلا يجزئ في الإبانة عن مناحيها، وقد تلاقى الجازمون والمترددون منهم في تبرئة العلم من عداء الدين، فمن لم يكن صديقا خالصا فليس بالعدو المبين، بل وجد من هؤلاء المعارضين للدين من يثبت القصد في الخليقة مع تصريحه بأنه مادي آلي يعزز التطور بالانتخاب الطبيعي، ومنهم من يرى دلائل القصد في المادة غير العضوية فضلا عن الأجسام الحية، وقد أشار إلى هؤلاء العلماء الدكتور فردريك وود جونس عضو الجمعية الإنجليزية الملكية في كتابه عن التدبير والقصد، فذكر لورنس هندرسون أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة هارفارد، وروى عنه أن تقلب الليل والنهار على الأرض له معناه في تركيب ثاني أكسيد الكربون (لارتباط صلاحيته بالنور والظلام)، وأن تقلب الفصول وموقع الأرض من المنظومة الشمسية لهما معناهما في خصائص الماء بين حالتي التجمد والذوبان، وأن هندرسون قد اضطر إلى الاعتراف بأن مجرى التطور في مظاهره الكونية والحيوية يماثل مجرى الأعمال التي نقول حين نرقبها في الناس إنها مقصودة. ثم ذكر توماس دوايت (Dwight)
أستاذ التشريح بجامعة هارفارد، فروى عنه أنه كتب قبيل وفاته يقول إن صدور الرسم الواحد عن المصادفة قد يفهم، ولكن نسبة الرسوم في عدد كبير من الظواهر إلى مجرد الاتفاق سخف وهراء.
2
فإذا جاء هذا الاعتراف من العلماء المصرحين بالمادية فلا حاجة بالذين لا يصرحون بها إلى أكثر من هذا الاعتراف.
عقائد الأدباء
يستشهد بأقوال الأدباء في العقيدة لأنهم دارسون، ولأنهم موضوع دراسة .
هم دارسون لأنهم يفكرون في عقائدهم ويمحصونها ويقبلون منها ما يقبل ويرفضون منها ما يرفض، أو ينشئون لأنفسهم عقائدهم المختارة حين يرفضون كل ما ورثوه من المعتقدات.
وهم موضوع دراسة لأنهم يمثلون شعور عصرهم ويعبرون عنه. فمن أراد أن يدرس المعتقدات في عصر من العصور فمن أقرب وسائله أن يراجع أقوال أدبائه عن أنفسهم وعن أبناء عصرهم، فيعرف منها أنماطا صالحة لتصوير تلك المعتقدات.
ومن المتفق عليه أن العقيدة حاجة إنسانية في ضمائر المعتقدين، فهي من هذه الناحية شعور نلتمسه - أقرب ملتمس - في أقوال الأدباء، أي في أقوال الذين يشعرون ويعبرون عن الشعور، وهذه هي وظيفة الأدب في كل زمن. فلا أدب لمن لا يشعر ولا يحسن التعبير عن شعوره وعن كل شعور يحكيه.
نامعلوم صفحہ