فمن الحلول التي اختارها بعض المفكرين لعلاج مشكلة الشر أن الشر وهم يزول، ولا بقاء له مع الخير.
ومنها أن الشر لا وجود له بذاته، وإنما هو غياب الخير أو نقصه. فليس الظلام شيئا غير احتجاب النور، وليس الشر شيئا غير انقطاع الخير.
ومنها أن الشر تربية نافعة لبني آدم، وأن تجارب الأيام قد بينت للناس أن الشدة أنفع لهم من الرخاء في كثير من الأحيان.
ومنها أن الشر ضرورة ناجمة من التقاء الخيرات الكثيرة، فوجود النور مثلا ممكن، ولكنه لا بد من النور والظلام والشروق والغروب حين توجد الكواكب وتوجد معها المدارات والأفلاك، ويوجد الليل والنهار والشتاء والصيف والجدب والخصب، أو توجد مع النور خيرات غير النور.
ومنها أن الشر خير يوضع في غير موضعه. ومن يعترض على أسباب الشر كمن يعترض على خلق الماء اعتراضا على فيضان الأنهار، أو كمن يعترض على خلق الجرثومة الحية التي تتألف منها الأجسام اعتراضا على جراثيم الوباء.
ومنها أن حرية الإرادة نعمة إلهية، وأن حرية الإرادة لا تكون إلا في عالم يحدث فيه الخير والشر، وينقاد فيه الإنسان إلى العمل الصالح غير مكره عليه.
ومنها أن الشر هو تمام الخير الذي يوجد معه وينعدم بانعدامه، فلا معنى للرحمة بغير الألم، ولا معنى للشجاعة بغير الخطر، ولا معنى للكرم بغير الحاجة، ولا معنى للصفح بغير الإساءة، ولا معنى للنجدة بغير الظلم، ولا معنى للهمة والسعي بغير الحذر من مكروه والشوق إلى مأمول.
ومنها أن الفروق بين الأشياء لازمة، ولولاها لم يوجد شيء مستقل عن شيء، ومع وجود الفروق لا مناص من الشكوى، ومن الطلب والفوات. •••
هل جرى في القرن العشرين من جديد في هذه الحلول أو هذه المعاذير؟
كلا من حيث الجوهر، ونعم من حيث التطبيقات والتفصيلات.
نامعلوم صفحہ