ولتنته هذه الجمعية التأسيسية إلى برنامج عمل واضح وصريح يمثل آمال مصر وحلولها لمشاكلها خلال السنوات العشر القادمة على الأقل.
وبناء على هذا البرنامج فينتخب من بين أعضاء الهيئة التأسيسية لجنة قيد، تنظر في طلب الراغبين في الانضمام على أساس ارتباطهم أو قدراتهم على تنفيذ هذا البرنامج المتفق عليه، وعلى أساس قدرتهم السياسية أولا وليس على أساس طيبتهم أو رفقهم في معاملة ومجاملة الآخرين.
حتى إذا أحكمنا إنشاء هذا الحزب الذي سيمثل العمود الفقري السياسي لبلادنا، تتكون أحزاب أخرى على نفس هذا النسق، قد تختلف برامجها عن برامج حزب مصر، قد تختلف أفكارها، قد تختلف تكويناتها الاجتماعية والفكرية، ولكنها حتما ستمثل قيادة لمجموعة من الناس موجودة في مجتمعاتنا وقائمة.
وعلى أساس تحالف - أو تصارع - بين حزب مصر وهذه الأحزاب، تصارع ليس هدفه التنابذ أو حب الظهور وإنما هدفه الوصول إلى الحقيقة التي قد تكون تماما غير رأي حزب مصر أو غيره من الأحزاب.
باختصار: نحن، في مشكلتنا، وبالذات خلال السنوات الخمس القادمة في حاجة إلى كلمة سواء بيننا، لسنا في حاجة إلى إجماع صوري، نحن في حاجة لنقاش واختلاف يؤدي بنا في الحقيقة إلى كلمة سواء؛ فالصراع القائم الآن صراع من ورق وعلى ورق، بينما مشاكلنا حقيقية وعاجلة وفي حاجة إلى قيادة فعالة لرؤيتها حبذا لو كانت شابة ونشطة وواعية سياسيا.
تحية لهم ، وعزاء لنا
غريب جدا هذا الإحساس، لم أشأ أن أحضر العملية؛ فالمصاب صديق والمعالج صديق، وبعدي عن الجراحة قد أنشأ بيني وبينها نوعا من الجفوة حتى أصبحت وكأني ما زاولتها يوما.
ولكني فوجئت بالدكتور أحمد البنهاوي يستدعيني لحجرة العمليات لأرى بعيني مدى الإصابة.
الدكتور أحمد البنهاوي ذلك الذي لم يتغير شكله كثيرا منذ أن قابلته لأول مرة على «ترابيزة» الغداء في مدرسة الزقازيق الثانوية، أصبح الآن عميدا لكلية طب جامعة عين شمس. الحقيقة حين علمت الخبر لم أستعجب وإن كنت قد دهشت أن يقع اختيار مجلس الكلية المكون من فطاحل الأساتذة على أستاذ جراحة المخ هذا الذي يبدو وكأنه في الثلاثين، عميدا للكلية. بل أكاد أكون قد فرحت، فمن الفرح أن تجد واحدا من دفعتك وصديقا لك قد احتل مركزا علميا خطيرا كعميد لكلية طب راسخة مثل عين شمس.
ناداني الدكتور البنهاوي لأرى إصابة الرأس التي يعالجها، كان الصديق المصاب قد انهال عليه بعض الصعايدة بنبابيتهم على رأسه فكسرت الجمجمة، وحدث نزيف رهيب داخل العظم، بحيث أصيب المريض بشلل وأخذت حالته تتدهور حتى أوشك أن يسلم الروح. لم يكن هناك وقت لعمل أشعة أو لمعرفة بالضبط مكان الإصابة والشريان أو الوريد الذي ينزف. كانت أمامنا - كما قال الدكتور البنهاوي - نصف ساعة فقط، إذا لم تعمل العملية فيها مات ذلك الإنسان العزيز. ولم يكن بالمستشفى الذي كان يرقد فيه المصاب آلات جراحية تصلح لجراحة المخ (مع أنه مستشفى دار الشفا الكبير)! وهكذا ودون انتظار لعربة الإسعاف حملنا المريض في عربة عادية وبأقصى سرعة إلى مستشفى الجمهورية.
نامعلوم صفحہ