مفرع الحارك محبوك الثبج
1
يصل الشد بشد فإذا
ونت الخيل من الشد معج
2
وكل ما نسب إليه من شعر فهو من هذه الطبقة التي لا تسف، ولا تعلو إلى الذروة بين بدائع الشعراء.
أما الخطب المطولة ففي النموذج التالي غنى في الإبانة عن قدرته عليها، وهو شطر من خطبة ألقاها يوم الجمعة قال فيها:
يا معشر الناس إياي وخلالا أربعا، فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة، وإلى الضيق بعد السعة، وإلى الذل بعد العز: إياي وكثرة العيال، وانخفاض الحال، وتضييع المال، والقيل والقال، في غير درك ولا نوال إنه لا بد من فراغ يئول المرء إليه في توديع جسمه، والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وشهواتها، فمن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب الأقل، ولا يضيع المرء في فراغه نصيب نفسه من العلم، فيكون من الخير عاطلا، وعن حلال الله وحرامه عادلا، يا معشر الناس: قد تدلت الجوزاء وارتفعت الشعرى، وأقلعت السماء وارتفع الوباء، وقل الندى وطاب المرعى، ووضعت الحوامل ودرجت السخائل، وعلى الراعي حسن النظر ... فحي بكم على بركة الله إلى ريفكم، فتنالوا من خيره ولبنه وخرافه وصيده، وأربعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها، فإنها جنتكم من عدوكم، وبها تنالون مغانمكم وأنفالكم، واستوصوا بمن جاورتم من القبط خيرا، وإياكم والمشمومات المعسولات، فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهمم. حدثني أمير المؤمنين عمر أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول: «إن الله سيفتح عليكم مصرا فاستوصوا بقبطها خيرا، فإن لهم فيكم صهرا وذمة.» فكفوا أيديكم وفروجكم وغضوا أبصاركم، فلا أعلمن ما أتاني رجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه، واعلموا أنني معترض الخيل كاعتراض الرجال، فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك، واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة، لكثرة الأعداء حولكم ولإشراف قلوبهم إليكم وإلى داركم، معدن الزرع والمال، والخير الواسع والبركة النامية. حدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض.» فقال أبو بكر: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة.» فاحمدوا ربكم معشر الناس على ما أولاكم، وأقيموا في ريفكم ما بدا لكم، فإذا يبس العود وسخن العمود وكثر الذباب وحمض اللبن وصوح البقل، وانقطع الورد من الشجر، فحي على فسطاطكم على بركة الله، ولا يقدمن أحد منكم ذو عيال على عياله إلا ومعه تحفة لعياله، على ما أطاق من سعته أو عسرته، أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم.
نامعلوم صفحہ