١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
اصناف
13
جرى الجزء الأكثر درامية من المواجهة بعد أن أرسل الحيثيون رجلين - من بدو شوشو، حسبما تخبرنا الرواية المصرية - للتجسس على القوات المصرية، ولكن بطريقة متعمدة على نحو أدى إلى أن يأسر المصريون الرجلين على الفور تقريبا. تحت التعذيب، على ما يبدو، أدلى الجاسوسان بمعلوماتهما المضللة (ربما كانت تلك هي واحدة من أولى الحالات الموثقة في تاريخ البشرية في هذا الشأن) وأخبرا المصريين أن القوات الحيثية لم تكن بعد قريبة من قادش وأنها ما زالت بعيدة شمالا، في منطقة عمورو في شمال سوريا. لدى سماع رمسيس الثاني بالأنباء، ودون محاولة التأكد منها على نحو مستقل، مضى بأقصى سرعة مع الفرقة الأولى من فرقه الأربعة، فرقة آمون، مستهدفا الوصول إلى قادش قبل الحيثيين.
14
في حقيقة الأمر، كان الحيثيون بالفعل في قادش، وكانوا قد جمعوا قواتهم في أجمة ضيقة شمال وشرق المدينة مباشرة، مختبئين في ظل أسوار المدينة حيث لم يكن من الممكن أن تراهم القوات المصرية التي كانت تقترب من الجنوب. وبينما كان فوج طليعة القوات المصرية ينصب مخيما شمال المدينة مباشرة، أمسك رجال رمسيس بجاسوسين حيثيين آخرين وهذه المرة عرفوا منهما الحقيقة، ولكن بعد فوات الأوان. تحركت القوات الحيثية بسرعة في اتجاه عقارب الساعة مطوقة محيط أسوار المدينة كله تقريبا واشتبكت مباشرة مع الفرقة المصرية الثانية، المعروفة باسم رع، آخذة أفرادها على حين غرة تماما ومبيدة إياهم إبادة فعلية. فرت الشرذمة الباقية من فرقة رع الممزقة إلى الشمال، يطاردها الجيش الحيثي بأكمله، وانضمت إلى رمسيس ورجال فرقة آمون عند معسكرهم قبل المجابهة.
15
تأرجحت الغلبة في المعركة بين الطرفين، إلى أحدهما تارة وإلى الآخر تارة أخرى. تخبرنا الرواية أنه في مرحلة ما كان الجيش المصري مشرفا على الهزيمة وكاد رمسيس نفسه أن يقتل، إلا أنه بمفرده ودون مساعدة من أحد أنقذ نفسه ورجاله. تقول الرواية المنقوشة على جدران المعبد المصري:
ثم ركب جلالته مسرعا، واندس في أعماق الأعداء من خاتي، وكان بمفرده وليس معه أي أحد ... ووجد 2500 عربة حربية تضيق الخناق عليه من الخلف، يقودها جميع أنواع المحاربين الخاسئين من خاتي وكذلك البلاد الأجنبية الكثيرة التي كانت معهم.
وبعد ذلك تتحول الرواية إلى صيغة المتكلم، لتروي على لسان الفرعون نفسه:
لقد ناديتك، يا أبي آمون، عندما كنت وسط جموع لا أعرفها ... وجدت آمون قد أتى عندما دعوته؛ مد لي يده وحينها ابتهجت ... كل ما فعلته كان مصيره النجاح ... كنت أشد قوسي بيميني وأحارب بيساري ... وجدت ال 2500 عربة، التي كنت وسطها، ممددة أمام حصاني. ولم يكن بمقدور أي منهم أن يجد يده ليقاتل بها ... وقد جعلتهم يتساقطون في الماء تماما كما تسقط التماسيح، وقد خروا على وجوههم الواحد فوق الآخر. وأعملت القتل فيهم كما شئت.
16
نامعلوم صفحہ