١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
١١٧٧ق.م.: عام انهيار الحضارة
اصناف
مناقشة الاحتمالات
يوجد عدد من المسببات المحتملة التي يمكن أن تكون قد أدت إلى، أو أسهمت في، الانهيار الذي حدث في نهاية العصر البرونزي المتأخر، ولكن لا يبدو أن بمقدور أي منها أن يكون قد تسبب في الكارثة بمفرده. (أ)
من الواضح أنه كان يوجد زلازل أثناء هذه الفترة، ولكن عادة ما كان بوسع المجتمعات أن تتعافى منها. (ب)
يوجد أدلة نصية على حدوث مجاعات، ويوجد حاليا أدلة علمية على حدوث موجات جفاف وتغير مناخي، في كل من إيجه وشرق المتوسط، ولكن مجددا تعافت المجتمعات من هذه الأمور مرة تلو الأخرى. (ج)
ربما يكون ثمة وجود لأدلة ظرفية على أعمال تمرد داخلية في اليونان وأماكن أخرى، ومنها الشام، غير أن هذا ليس مؤكدا. ومجددا، صمدت المجتمعات أمام أعمال التمرد تلك. فضلا عن ذلك، من غير المعتاد أن تحدث أعمال التمرد على مساحة واسعة كهذه ولفترة زمنية ممتدة كتلك (بصرف النظر عن أن التجربة الأخيرة في الشرق الأوسط تتعارض مع ذلك). (د)
يوجد أدلة أثرية على غزاة، أو على الأقل وافدين جدد ربما أتوا من منطقة إيجه، أو غرب الأناضول، أو قبرص، أو من كل المناطق السالفة الذكر، عثر عليها في الشام من أوغاريت في الشمال وحتى لخيش في الجنوب. بعض المدن دمر ثم هجر؛ والبعض أعيد إعماره؛ وبقي البعض الآخر دون أن يمس بسوء. (ه)
من الواضح أن طرق التجارة الدولية تضررت، إن لم تقطع كليا، لفترة من الوقت، ولكن مدى التأثير الذي كان من شأن هذا أن يحدثه على الحضارات الفردية المختلفة ليس واضحا على الإطلاق؛ حتى وإن كان بعضها معتمدا اعتمادا مفرطا في بقائه على البضائع الأجنبية، كما أشرنا في حالة الميسينيين.
صحيح أن في بعض الأحيان لا يكون بوسع حضارة ما أن تسترد عافيتها من هجمات غزاة أو زلزال، أو أن تنجو من موجة جفاف أو تمرد، ولكن في الوقت الحالي، بسبب الافتقار إلى تفسير أفضل، يبدو أن أفضل حل هو أن نقترح أن كل هذه العوامل مجتمعة أسهمت في انهيار ممالك ومجتمعات العصر البرونزي المتأخر التي كانت سائدة في هذه المناطق؛ ومن ثم استنادا إلى الأدلة المتاحة حاليا، ربما يكون ما نراه هو نتيجة انهيار للأنظمة تسببت فيه سلسلة من الأحداث التي ارتبطت معا عبر «تأثير مضاعف»، أثر فيه عامل في العوامل الأخرى، مضخما بذلك من تأثيرات كل عامل من تلك العوامل. ربما كان بمقدور السكان أن يصمدوا أمام كارثة واحدة، كزلزال أو موجة جفاف، ولكن ليس بمقدورهم أن يصمدوا أمام الآثار المجتمعة لزلزال، وموجة جفاف، وغزو والتي تحدث كلها في تعاقب سريع. تبع ذلك «تأثير تعاقبي»، أدى فيه تفكك حضارة إلى سقوط الحضارات الأخرى. ونظرا للطبيعة العالمية لعالمهم، كان من شأن التأثير الواقع على طرق التجارة الدولية والاقتصاديات من انهيار ولو مجتمعا واحدا أن يكون مدمرا بما يكفي لدرجة أنه ربما يكون قد أدى إلى زوال المجتمعات الأخرى. إن كان الأمر كذلك، فإن تلك المجتمعات لم تكن أكبر من أن تنهار.
مع ذلك، وبصرف النظر عن تعليقاتي السالفة، ربما يكون انهيار الأنظمة مجرد تفسير مبسط أكثر مما ينبغي بحيث يقبل باعتباره السبب الأساسي لنهاية العصر البرونزي المتأخر في إيجه، وشرق المتوسط، والشرق الأدنى.
103
نامعلوم صفحہ