عالم السدود والقيود
عالم السدود والقيود
اصناف
Forum
وصفا لأساليب صناعية ونفسية يهتدي بها المحقق إلى المتهمين بغير خطأ كثير، ومنها أداة كهربائية يقبض عليها المتهم ويواجهه المحقق بالأسئلة المريبة وغير المريبة، فتسجل الأداة مقدار اضطرابه وإفراز جلده للعرق ولو كان يسيرا، لأن هذا الإفراز يضعف مقاومته لتيار الكهرباء فيظهر الأثر على الفور في موضع التسجيل، قال هنري مورثون روبنسون كاتب المقال:
سألت الأب «سمرز» أن يجرب معي هذه الأداة فعمد إلى تجربة خلاصتها أن يطلعني على عشر ورقات من ورق اللعب وأن أنتقي واحدة منها في ذهني ولا أبوح بها لغيري، فأخذت ورقة القلبين الاثنين ثم عرضت علي الأوراق واحدة بعد واحدة والأب سمرز يسألني أهذه ورقتك؟ فلما عرضت علي ورقتي تعمدت الإنكار وقلت: لا، وأنا أراقب موضع التسجيل على الأداة لأرى الأثر الذي يظهر عليه، وقد حاولت جهدي أن أحتفظ بسكينتي وقلة اكتراثي ولكن الأداة الكهربائية سجلت اضطرابي اليسير جدا مرة بعد مرة حتى اضطررت إلى الاعتراف.
وأشار الكاتب إلى أسلوب «نفسي» يعتمد على تداعي الخواطر للكشف عن سرائر المتهمين، فإذا كانت التهمة سرقة مائة دولار في محفظة سوداء من درج مكتب، وضع المحقق خمسين أو ستين كلمة وتلاها واحدة بعد واحدة على المتهم، وطلب منه أن يعقب على كل كلمة بغير روية، فإذا تريث المسئول أكثر من ثانيتين ونصف ثانية وهي المدة الطبيعية للتعليق فهناك وجه للريبة، وإذا تليت عليه بين الكلمات كلمة مائة دولار، ثم كلمة درج، ثم كلمة مكتب، ثم كلمة محفظة، ثم كلمة سوداء وأطال الوقوف عند كل منها، فهو إذن يعلم شيئا يريد إخفاءه ويجفل من ظهوره.
هذه أساليب مفيدة لا يحسن إهمالها وترك البحث فيها، ولكن ينبغي مع التوفر على دراستها أن نذكر: «أولا» أن العقاقير الحاجبة للإرادة قد تمكن المحقق من إملاء الاعتراف على المتهم وإرهابه حتى يخاف الإفضاء بسبب الاعتراف، وأن نذكر «ثانيا» أن العقول تختلف في قوة العارضة وسرعة الجواب، فيتلجلج المسئول وهو بريء ويخشى أن يحسب المحقق هذا التلجلج دليلا على اتهامه، فيضطرب ويزداد اضطرابه كلما ألح عليه هذا الخاطر ولمح من المحقق ما يؤيد وهمه، وربما أعانت سرعة الخاطر إنسانا آخر على تحضير الجواب المناسب دون أن يظهر عليه من الاضطراب ما يلفت النظر أو يريب.
وأن نذكر «ثالثا» أن إتقان أساليب التحقيق لا بد أن يقابله من الطرف الآخر إتقان أساليب الإجرام، وتخصص المجرمين في دراسة أساليب الشرطة، وأساليب المحققين والاستعداد لها بما يحبطها ويتغلب عليها، فتنشأ عصابات المجرمين المعروفين «بالمحترفين» والأخصائيين، ولا يبقى من المتهمين من تفلح معهم تلك الأساليب غير الأفراد المعروفين «بالهواة»؛ لأنهم لا يجيدون الحرفة ولا يتعاونون فيما بينهم على إتقانها.
فلا ينبغي أن ننسى أن الأساليب العلمية لن تستأصل الجريمة من الدنيا، ولكنها على كل ذلك ملازمة ونافعة؛ لأنها وسيلة لا يصح إهمالها، ولا محيص لنا من استخدام كل وسيلة مستطاعة في هذه الحرب التي بقيت منذ أوائل عهد الناس بالاجتماع، وستبقى على ما نرى من أحوالنا المعهودة إلى زمن لا تعرف له نهاية.
بعض الإصلاح
في إنجلترا يقسمون المسجونين لآجال بعيدة إلى أقسام: يمتد القسم الأول إلى ثمانية عشر شهرا، والثاني إلى سنتين ونصف سنة، والثالث أو القسم المخصوص ينتقل إليه السجين بعد أربع سنوات، ومزية هذا القسم أن يعطى فيه السجين بنسا كل يوم ويزاد كل سنة خمسي بنس إلى أن تكتمل الأجرة اليومية بنسين ولا يزاد عليها بعد ذلك، ويباح لسجين القسم المخصوص أن يشتري التبغ والحلوى من أجرته اليومية، وأن يشتري صحيفة أسبوعية، وما شاء من الكتب المباحة، سواء من أجرته أو من هدايا أصحابه.
ومزية القسم الثاني الذي هو دون القسم المخصوص، بعض التحسين في الملابس والفراش، والتوسعة في الرياضة والألعاب، وشراء الصحف وما إليها.
نامعلوم صفحہ