على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
اصناف
مد وجزر
ثم تسقط الأسرة الثامنة عشرة بعد وفاة «توت عنخ آمون» بقليل؛ ويؤسس «حرمحاب» الأسرة التاسعة عشرة، وإذا بسيتي الأول يحاول أن يسترد إمبراطورية «تحتموس الثالث»، فلا ينجح إلا في استرداد فلسطين؛ لأن الحيثيين من سكان آسيا الصغرى - الذين بدءوا الغارة على المستعمرات المصرية أيام الفيلسوف «أخناتون» - كانت قد رسخت قدمهم في سوريا.
ويأتي دور «رمسيس الثاني» - أشهر فراعنة مصر - وإذا به يحاول أن يسترد من جديد إمبراطورية «تحتموس الثالث»، فيصيب القصد ولكن يخطئه التوفيق، ويرضى - بعد حروب عدة وبعد انتصاره على الحيثيين وحلفائهم في معركة «قادش»، التي أظهر فيها شجاعة نادرة خلدت اسمه في سجل الشجعان في العالم - أن يقنع من انتصاراته العديدة بمعاهدة هجومية دفاعية بينه وبين ملك الحيثيين، يلقب فيها بملك مصر الأكبر، بينما حليفه «ختاسار» يلقب بأمير الحيثيين، ولكن المعاهدة لا ترد لمصر إلا فلسطين. ثم يتزوج «رمسيس» من ابنة ملك الحيثيين، ولا تروي الحروب غلته، فيطفئ غروره بإقامة التماثيل والمعابد، ينقش على جدرانها قصائد شاعره «بنتاءور» في تمجيده ووصف معركة «قادش» أهم معارك رمسيس، ويستبطئ النحاتين والمثالين في صنع تماثيله الهائلة العديدة، فيضحون الفن في سبيل الكثرة ولا يكتفي بهذا، فيمحون أسماء أسلافه من على تماثيلهم ومعابدهم، ويضعون بدلها اسم «رمسيس»، ألا تتفق معي على أن رمسيس كان أعظم غشاش في التاريخ؟!
ثم يموت «رمسيس» وقد نيف عمره على قرن، تاركا وراءه عدة زوجات و111 ولدا و51 بنتا لابنه العجوز «منفتاح».
وتثور فلسطين في عهد «منفتاح» فيخضعها، ويعود ليخضع من أغاروا على الدلتا من اللوبيين وسكان جزائر البحر الأبيض المتوسط، وربما كان «منفتاح» هذا هو فرعون موسى الذي خرج في عهده بنو إسرائيل من مصر.
ويعود اللوبيون إلى الغارة على مصر ثانية، فيهزمهم «رمسيس الثالث» من الأسرة العشرين.
ويقوى نفوذ الكهنة، فيتخذون من الرماسسة - بقية ملوك الأسرة العشرين - ألاعيب يفعلون ما يؤمرون.
ويقفز «حرحور» رئيس الكهنة إلى عرش مصر، فيكون أسرة من الكهنة، هي الأسرة الحادية والعشرون، تفقد مصر في عهدها طورسينا وفلسطين.
ويشاء القدر الساخر أن يجلس على عرش مصر «شيشنق» الأول - ملك اللوبيين - فيتخذ من مدينة بوبسطة - تل بسطة عند الزقازيق - عاصمة للأسرة الثانية والعشرين.
وتتحرك دماء الفراعنة في «بعنخى»، فيخرج من بلاد النوبة المتمصرة منذ مئات السنين، فيستولي على منف، ويكون كهنة آمون الأثرياء بسلطانه الأسرة الثالثة والعشرين.
نامعلوم صفحہ