وتزوجها خشقدم الرومي عتيق السلطان الغوري، فكانت إنسان عينه وحبة قلبه وشغاف روحه، وولد له منها بنون وبنات، فاجتمعت منهم ومن أمهم في داره آيات الحسن الثلاث: مصرية ورومية، وجركسية.
وكانت سورباي وحيدة أبويها، فاتخذت خشقدم زوجا وأخا، واتخذ هو أبويها أبا وأما ، وصفت لهم الحياة.
وعلى حين بغتة حلت بهم الكارثة، حين قبض السلطان الغوري على جاني باي وألزمه أن يدفع إلى خزانة السلطان ما اغتال من أموال الناس، وأسلمه إلى عماله يفتنون في تعذيبه كل فن، بالكي، ودق المسامير في جسده، وعصر أصداغه بالمعاصر، وبالجوع والظمأ والبرد القارس في حجرات السجن المظلم، وبتخويفه بالنار والخازوق والشنق على باب زويلة ... حتى يدفع إلى خزانة السلطان ما طلب منه أن يؤديه.
وطال به العذاب ولم يدفع كل ما طلب منه، وطال عذاب أهله لما يناله، وطال عذاب ابنته سورباي وزوجها خشقدم الرومي عتيق السلطان الغوري.
وقالت له زوجته ذات مساء: خشقدم! حبيبي! إن لك مكانا عند السلطان، فهلا شفعت عنده لأبي!
فما عتم خشقدم أن استجاب لدعائها، فذهب إلى مولاه يتشفع لصهره، وكأنما ذهب ليذكره من نسيان، فما كاد السلطان الغوري يسمع قوله حتى هتف به مغضبا: حتى أنت يا خشقدم! حسبتك من حزبي.
قال خشقدم ضارعا: إنني أنا، وزوجتي، وبني وبناتي، وجاني باي، كلنا من حزبك وصنائع معروفك، ولو كان جاني باي يملك غير ما أدى إلى خزانة السلطان، لأنقذ نفسه من الهلكة وخرج عن كل ماله.
قال الغوري مغضبا: فتدفع أنت من مالك ما يعجز عنه جاني باي.
فبسط خشقدم كفيه قائلا: وماذا يملك عبدك يا مولاي إلا ما تفضل عليه من معروفك؟!
قال الغوري ساخرا: أو ما يفضل عليه صهره مما اغتال من أموال الناس باسم السلطان!
نامعلوم صفحہ